قوله : " فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطر " ; جمهور أئمة الفتوى على أنها واجبة ، وهو المنصوص عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ; محتجين بقوله: " فرض " فإن عرفه الشرعي أوجب . وبأنها داخلة في عموم قوله تعالى : وآتوا الزكاة وذهب بعض أهل العراق وبعض أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : إلى أنها سنة ، ورأوا أن : " فرض " بمعنى : " قدر " ، وهو أصله في اللغة ، كما قال تعالى : أو تفرضوا لهن فريضة ولم يروها داخلة في عموم ما ذكر . وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : هي واجبة وليست بفريضة ; على مذهبه في الفرق بين الواجب والفرض .
وقوله : " زكاة الفطر من رمضان " ; إشارة إلى وقت وجوبها . وقد اختلف فيه :
فعندنا وعند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : تجب بغروب الشمس من آخر رمضان . وقيل عنهما : بطلوع الفجر من يوم الفطر .
وذهب بعض المتأخرين من أصحابنا : إلى أنها تجب بطلوع الشمس من يوم الفطر ، وسبب هذا الخلاف : أن الشرع قد أضاف هذه الزكاة للفطر ، وهل هو الفطر المعتاد في سائر الشهور ؟ فيكون الوجوب من وقت الغروب ، أو الفطر المعتاد في كل يوم ؟ فيكون من طلوع الشمس . أو المراد أول الفطر المأمور به يوم الفطر ؟ فيكون من طلوع الفجر .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة : معنى صدقة الفطر ; أي : صدقة النفوس ، والفطرة : أصل الخلقة ، وهذا بعيد ، بل مردود بقوله : [ ص: 20 ] " صدقة الفطر من رمضان " ، والأول أظهر .
وقوله : " على كل نفس " ; يقتضي عموم النفوس أغنيائهم وفقرائهم . خلافا لأصحاب الرأي في قولهم : لا تلزم من يحل له أخذها .
واختلف قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وأصحابه في ذلك ، ومشهور مذهبه: أنها تجب على من فضل عن قوته يوم الفطر بقدرها . ويدخل في ذلك العموم: الحاضر والبادي ، خلافا لليث ، nindex.php?page=showalam&ids=15885وربيعة nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء في قصر وجوبها على أهل الحواضر والقرى ، دون أهل العمود والخصوص .
وقوله : " من المسلمين " ; دليل على أنها لا تخرج عن العبد الكافر ، وهو قول الجمهور . وذهب الكوفيون وإسحاق وبعض السلف : إلى أنها تخرج عن العبيد الكفار .
وقد تأول nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي قوله : " من المسلمين " : أنه عائد إلى السادة المخرجين . وهذا لا يقتضيه مساق الحديث ، فتأمله .
قلت : وظاهر هذا الحديث : أنه إنما قصد فيه إلى بيان مقدارها ، ومن يقدر عليه ، ولم يتعرض فيه لبيان من يخرجها عن نفسه ممن يخرجها عن غيره ، بل [ ص: 21 ] شمل الجميع ; إذ قد ذكر فيهم العبد والصغير .
فأما الصغير : فلا خلاف عند من يقول : إنها تخرج بسببه ; أن وليه هو الذي يخاطب بإخراجها ; إذ الصبي لم يجر عليه بعد قلم التكليف .
وأما العبد : فذهب الجمهور: إلى أنه ليس مخاطبا بها ; لأنه لا شيء له . ولو كان له مال فسيده قادر على انتزاعه ، خلافا لداود ، فإنه أوجبها على العبد ; تمسكا بلفظ العبد المذكور في الحديث هذا .
وقال : على السيد أن يتركه قبل الفطر فيكتسب ذلك القدر ، وليس له منعه من ذلك في تلك المدة ، كما لا يمنعه من صلاة الفرض .
ثم إذا تنزلنا على قول الجمهور في أنه لا يجب عليه شيء ، فهل يخاطب سيده بإخراجها عنه أم لا ؟ جمهورهم أيضا: على أنه يجب ذلك عليه ; لأنه تلزمه نفقته ومؤونته ، وهذه من جملة المؤن ، فإن المخاطب بإخراجها المكلف الواجد لها حين الوجوب ; عن نفسه وعن من تلزمه نفقته ; بدليل ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني من حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنه - قال : أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بزكاة الفطر عن الصغير والكبير ، والحر والعبد ، ممن تمونون .
وأما إخراجها عن الزوجة ، فمذهب الجمهور أن ذلك يجب على الزوج . وقال الكوفيون : لا يلزم الرجل إخراجها عن زوجته ، وإنما يلزمها هي أن تخرجها عن نفسها ، وسببه ما تقدم .