قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( تصدقن ولو من حليكن ) ; احتج بظاهره من رأى أن الزكاة تجب في الحلي . ولا حجة فيه ; لأنا لا نسلم أن هذه الصدقة هنا هي الواجبة بل التطوع ; بدليل قوله : ( ولو من حليكن ) ، فإنه ظاهر في الحث والحض على فعل الخير والمبالغة فيه ; ألا ترى أنه قد سلك فيه مسلك قوله : (ردوا السائل ولو بظلف محرق) .
وقولها : ( فإن كان ذلك يجزي عني وإلا صرفتها لغيركم ) ; لا يدل على أنها الصدقة الواجبة ، وإنما ذلك لما وعظهن النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله : nindex.php?page=hadith&LINKID=650293 (تصدقن فإني أريتكن أكثر أهل النار ، بادرن هذا الأمر ، وأخذن في التصدق ; لتحصل لهن الوقاية من النار ، فكأنها قالت : أتقيني هذه الصدقة من النار ؟ وكأنها خافت إن تصدقت على زوجها ألا ينفعها ذلك ، ولا يكون لها في ذلك أجر ، ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم - لهما في جوابهما : (لهما أجران) ولم يقل : يجزئ ، [أو] لا يجزئ ، والله أعلم .
وقد روي [ ص: 45 ] في غير مسلم : أن امرأة nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود كانت صناعا ، وأنها قالت : يا رسول الله ! إني ذات صنعة أبيع منها ، وليس لزوجي ولا لولدي شيء ، فهل لي فيهم من أجر ؟ وفي أخرى : أنها أخذت حليها لتتصدق به ، وقالت : لعل الله ألا يجعلني من أهل النار . وهذا يدل على أنها كانت صدقة تطوع .
وممن قال بوجوب الزكاة في الحلي - وإن كان للباس - nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود في جماعة من الصحابة ، nindex.php?page=showalam&ids=15990وابن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري في جماعة من التابعين ، وقاله الكوفيون .
وممن قال : لا زكاة فيه : nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر على خلاف عنه ، nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر ، nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة ، وغيرهم من الصحابة والتابعين ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد وإسحاق ، وأظهر قولي nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . وفيه دليل على جواز صدقة المرأة من مالها بغير إذن زوجها ، لكن فيما لا يجحف بحق الزوج مما يكون له بال ، فأما ما له بال من مالها ، فليس لها أن تخرجه بغير معاوضة ، إلا بإذن الزوج ، بدليل ما خرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=936706 (لا يحل لامرأة أن تقضي في ذي بال من مالها إلا بإذن زوجها) ، نقلته من حفظ وسماع لا من كتاب . وهذا مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك . والذي له بال عنده : الثلث فصاعدا .
والحلي عندنا على ثلاثة أضرب :
متخذ للباس ، فلا زكاة فيه .
ومتخذ للتجارة ، أو على غير الوجه المسوغ ; وفيه الزكاة .
ومتخذ للكرى ، وفيه خلاف ; لتردده بينهما .
[ ص: 46 ] وقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( لهما أجران : أجر القرابة ، وأجر الصدقة ) ; أي : أجر صلة الرحم ، وأجر منفعة الصدقة .
واختلف قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في الصدقة الواجبة على القرابة غير الوالدين والولد ، والزوجة ، بالجواز والكراهية ، ووجه هذه الكراهية مخافة الميل بالمدح بصلة الأرحام . فتفسد نية أداء الفرض ، أو تضعف .
فأما الوالدان والولد الفقراء فلا تدفع الزكاة إليهم بالإجماع .
واختلفوا في المرأة : هل تعطي منها زوجها ؟ فأجازه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف ، nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد بن الحسن ، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور ، nindex.php?page=showalam&ids=12321وأشهب ; إذا لم يصرفها إليها فيما يلزمه لها ، ولم يجزه nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، ولا nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ، واختلف فيه عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد .
وليس إخبار nindex.php?page=showalam&ids=115بلال بالسائلتين اللتين [استكتمتاه] من هما بكشف أمانة سر ; لوجهين :
الأول : أن nindex.php?page=showalam&ids=115بلالا فهم أن ذلك ليس على الإلزام ، وإنما كان ذلك منهما على أنهما رأتا أنه لا ضرورة تحوج إلى ذلك .
والثاني : أنه إنما أخبر بهما جوابا لسؤال النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فرأى أن إجابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهم وأوجب من كتمان ما أمرتاه به . وهذا كله بناء على أنهما أمرتاه . ويحتمل أن يكون سؤالا للإسراع ، ولا يجب إسعاف كل سؤال .