وقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( إنه خلق كل إنسان من بني آدم على ستين وثلاثمائة مفصل ) [ ص: 53 ] ; الضمير في: " إنه " ، ضمير الأمر والشأن ، والمفاصل : هي العظام التي ينفصل بعضها من بعض ، وقد سماها : سلاميات . قال أبو عبيد : السلامى في الأصل : عظم في فرسن البعير ، وقد تقدم القول في السلاميات في الصلاة .
ومقصود هذا الحديث : أن العظام التي في الإنسان هي أصل وجوده ، وبها حصول منافعه ; إذ لا تتأتى الحركات والسكنات إلا بها ، والأعصاب رباطات ، واللحوم والجلود حافظات وممكنات ، فهي إذا أعظم نعم الله على الإنسان ، وحق المنعم عليه أن يقابل كل نعمة منها بشكر يخصها ، وهو أن يعطي صدقة كما أعطي منفعة ، لكن الله تعالى لطف وخفف بأن جعل التسبيحة الواحدة كالعطية ، وكذلك التحميدة ، وغيرها من أعمال البر وأقواله ، وإن قل مقدارها ، وأتم تمام الفضل ، أن اكتفى من ذلك كله بركعتين في الضحى ، على ما مر . وقد نبهنا على سر ذلك في باب: صلاة الضحى .
وقوله : ( عدد تلك الستين والثلاثمائة السلامى ) ; كذا وقعت الرواية ، وصوابه في العربية : " ثلاثمائة السلامى " ; لأنه لا يجمع بين الألف واللام والإضافة إلا في الإضافة غير المحضة ، بشرط دخول الألف واللام على المضاف والمضاف إليه .