وفي أخرى : فانهزم المشركون وأصاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غنائم كثيرة ، فقسم في المهاجرين والطلقاء ، ولم يعط الأنصار شيئا ، فقالت الأنصار : إذا كانت الشدة فنحن ندعى ويعطى الغنائم غيرنا ، فبلغه ذلك فجمعهم في قبة ، فقال : ما حديث بلغني عنكم ؟ وذكر نحو ما تقدم .
وقوله : " حين أفاء الله " ; أي رد ورجع ، والفيء : الرجوع ، ومنه سمي الظل بعد الزوال : فيئا ; لأنه رجع من جانب المغرب إلى جانب المشرق .
وكأن الأموال التي بأيدي الكفار كانت بالأصالة للمؤمنين ، إذ الإيمان هو الأصل ، والكفر طارئ عليه ، فغلب الكفار على تلك الأموال ، فإذا غنم المسلمون منها شيئا رجعت إلى نوع من كان ملك أصلها .
وقوله : " فطفق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " ; أي : جعل ، وهي من أخوات " كاد " ، إلا أنها [ ص: 104 ] متصلة بالفعل الذي هو خبرها ، وكاد " مقاربة مفارقة . وقد تقدم الكلام عليها . والأدم " : الجلد .
وقوله : ( فإنكم ستجدون أثرة شديدة ) ، روي عن العذري nindex.php?page=showalam&ids=16935والطبري ، وهي روايتنا : " أثرة " - بفتح الهمزة والثاء . قال أبو عبيد : أي : يستأثر عليكم فيفضل غيركم نفسه عليكم في الفيء . والأثرة : اسم من : آثر يؤثر إيثارا . قال الأعشى :
استأثر الله بالبقاء وبالـ ـعدل وولى الملامة الرجلا
[ ص: 105 ] قال : وسمعت الأزهري يقول : الأثرة : الاستئثار . والجمع : الأثر .
وعند أبي بحر في هذا الحرف بضم الهمزة وسكون الثاء . وأصل الأثرة : الفضل . قال أبو عبيد : يقال : له علي أثرة ; أي : فضل ، ومعناها قريب من الأول . وقيد عن علي أبي الحسين بن سراج الوجهين .
و" الوادي " : مجرى الماء المتسع . والشعب " : الطريق في الجبل . والشعار " : الثوب الذي يلي الجسد . و " الدثار " : الذي يلي الشعار . ومعناه : أن الأنصار هم خاصته - صلى الله عليه وسلم - وبطانته . وليس كذلك غيرهم . و " الطلقاء " : هم الذين [ ص: 106 ] من عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وخلى سبيلهم يوم فتح مكة . وأصله : أنه أطلقهم ، بعدما حصلوا في وثاقه .