و (قوله : " شيخ زان ، وملك كذاب ، وعائل مستكبر ") العائل : الفقير ، والمعيل : الكثير العيال ; يقال : عال الرجل فهو عائل : إذا افتقر ، والعيلة : الفقر ، وأعال فهو معيل : إذا كثر عياله . وإنما غلظ العقاب على هؤلاء الثلاثة ; لأن الحامل لهم على تلك المعاصي محض المعاندة ، واستخفاف أمر تلك المعاصي التي اقتحموها ; إذ لم يحملهم على ذلك حامل حاجي ، ولا دعتهم إليها ضرورة كما يدعو من لم يكن مثلهم .
وبيان ذلك : أن الشيخ لا حاجة ولا داعية له تدعوه إلى الزنى ; لضعف داعية النكاح في حقه ، ولكمال عقله ، ولقرب أجله ; إذ قد انتهى إلى طرف عمره . ونحو من ذلك الملك الكذاب ; إذ لا حاجة له إلى الكذب ; فإنه يمكنه أن يمشي أغراضه بالصدق ، فإن خاف من الصدق مفسدة ، ورى .
وأما العائل المستكبر : فاستحق ذلك ; لغلبة الكبر على نفسه ; إذ لا سبب له من خارج يحمله على الكبر ; فإن الكبر غالبا إنما يكون بالمال والخول والجاه ، وهو قد عدم ذلك كله ; فلا موجب له إلا غلبة الكبر على نفسه ، وقلة مبالاته بتحريمه وتوعيد الشرع عليه ، مع أن اللائق به والمناسب لحاله الرقة والتواضع ; لفقره وعجزه .