رواه أحمد (3 \ 119)، والبخاري (2055)، ومسلم (1071)، وأبو داود (1651-1652) .
وقوله - صلى الله عليه وسلم - وقد وجد تمرة في الطريق - : ( لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها ) ; هذا منه - صلى الله عليه وسلم - ورع وتنزه . وإلا فالغالب تمر غير الصدقة ; لأنه الأصل ، وتمر الصدقة قليل ، والحكم للغالب في القواعد الشرعية .
وهذه الأحاديث كلها مع قوله : ( إن الصدقة لا تنبغي لمحمد ، ولا لآل محمد ) ; تدل على أن الصدقة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله محرمة . وهل يعم التحريم الواجبات وغيرها ، أو يخص الواجبة ؟ اختلف فيه : فذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة في أحد قوليه: إلى أن المحرم الواجبة فقط .
وحكى ابن القصار عن بعض أصحابنا : أن المحرم صدقة التطوع دون الفريضة ; لأنها لا منة فيها .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة أيضا : إنها كلها حلال لبني هاشم وغيرهم . وإنما كان ذلك محرما عليهم ; إذ كانوا يأخذون سهم ذي القربى ، فلما قطع عنهم حلت لهم ، ونحوه عن الأبهري من شيوخنا . وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف : أنها حرام عليهم من غيرهم ، حلال لهم صدقة بعضهم على بعض .
قلت : والظاهر من هذه الأحاديث أنها محرمة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله ، فرضها ونفلها ; تمسكا بالعمومات . ومن جهة المعنى: بأن الصدقة أوساخ [ ص: 125 ] الناس ، وبأن اليد العليا خير من اليد السفلى ، ولا يد أعلى من يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ولا أيدي آله . فقد أكرمهم الله ، وأعلى مقاديرهم ، وجعل أيديهم فوق كل يد . وسهم ذي القربى واجب إخراجه وإيصاله إليهم على كل من ولي شيئا من أمور المسلمين إلى يوم القيامة . فلو منعوا ولم يقدروا على إيصالهم إلى حقوقهم وجب سد خلاتهم ، والقيام بحاجاتهم على أهل القدرة من المسلمين لا على وجه الصدقة ، بل على جهة القيام بالحقوق الواجبة في الأموال ، ويكون حكمهم كحكم الحقوق المرتبة على بيت مال المسلمين ، فلا يوصل إليها لفكاك الأسارى ونفقة اللقطاء ، وسد خلات الضعفاء والفقراء إذا لم يوصل إلى أخذ ذلك من بيت المال .
واختلف في: من آل النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟ فقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وأكثر أصحابه : هم بنو هاشم خاصة ، ومثله عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، واستثني آل أبي لهب . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : هم بنو هاشم ، ويدخل فيهم بنو المطلب أخي هاشم دون سائر بني عبد مناف ; لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : (أنا وبنو المطلب شيء واحد) ، ولقسم النبي - صلى الله عليه وسلم - لهم مع بني هاشم سهم ذي القربى دون غيرهم . ونحا إلى هذا بعض شيوخنا المالكية . وقال nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ : هم عشيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - الأقربون الذين أمر بإنذارهم : آل قصي ، قال : وقيل : قريش كلها .
قلت : وفي " الأم " : أن nindex.php?page=showalam&ids=68زيد بن أرقم سئل عن أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - من هم ؟ فقال : أهل بيته من حرم الصدقة بعده ، قال : ومن هم ؟ قال : هم آل علي ، وآل [ ص: 126 ] عقيل ، وآل جعفر ، وآل عباس ، فقال : كل هؤلاء حرم الصدقة ؟ قال : نعم .
وهذا يؤيد قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك . فإن هؤلاء كلهم بنو هاشم .
واختلف في مواليهم ، nindex.php?page=showalam&ids=16867فمالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي يبيحانها لهم ، والكوفيون وكثير من أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك يحرمونها عليهم .