لما أمر الله تعالى نبيه - صلى الله عليه وسلم - بأخذ الصدقة من الأموال والدعاء للمتصدق بقوله تعالى : خذ من أموالهم صدقة الآية ، امتثل ذلك ، فكان يدعو [ ص: 132 ] لمن أتاه بصدقته ، ولذلك كان يقول لهم : ( اللهم صل عليهم ) ; أي : ارحمهم ، وقال : ( اللهم صل على آل أبي أوفى ) .
وقال كثير من علمائنا: إنه أراد بآل أبي أوفى : نفس أبي أوفى ، وجعلوا هذا مثل قوله - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=showalam&ids=110لأبي موسى : (لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود ) ، وإنما أراد: داود نفسه ، وهو محتمل لذلك . ويحتمل أن يريد به : من عمل مثل عمله من عشيرته وقرابته ، فيكون مثل : ( اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ) ، والله تعالى أعلم .
وهل يتعدى الأمر لكل مصدق عند أخذه الصدقة ؟ أو هو خاص بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ؟ قولان لأهل العلم .
فذهب الجمهور: إلى أنهم يندبون إلى ذلك ; للاقتداء بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - لما يحصل عند ذلك من تطييب قلوب المتصدقين .
وقال أهل الظاهر : هو واجب ; أخذا بظاهر قول الله تعالى : وصل عليهم ولا يسلم لهم ذلك ; لأن قوله تعالى : إن صلاتك سكن لهم يشعر بخصوصيته - صلى الله عليه وسلم - بالدعاء . وقوله تعالى : إن صلاتك سكن لهم تعليل للأمر بالدعاء ، لا لأخذ الصدقة ، كما قد توهمه أهل الردة الذين تقدم ذكرهم في كتاب الإيمان .
وعلى هذا فلا يكون للظاهرية متمسك في الآية ، ويتجه قول [ ص: 133 ] من ادعى خصوصية ذلك بالنبي - صلى الله عليه وسلم - .
وقال كثير من المفسرين في معنى سكن لهم ; أي : طمأنينة وتثبيت وبركة وتزكية .