وقوله : ( إن nindex.php?page=showalam&ids=115بلالا ينادي بليل ) ; هذا النداء هو أذان الفجر عند الجمهور . وحكمته عندهم : الهبوب من النوم ، والتأهب لصلاة الصبح . واختصت الصبح بذلك ; لأن الأفضل فيها إيقاعها في أول وقتها مطلقا ، فيلزم من المحافظة على إيقاعها في أول وقتها التأهب لها قبل وقتها ، وقبلها نوم الليل المستصحب ، فاقتضى مجموع ذلك أن ينصب من يوقظ الناس قبل وقتها ، فكان ذلك بالأذان .
وذهب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري : إلى أن هذا الأذان إنما فائدته ما نص عليه في الحديث الآخر : ( ليوقظ نائمكم ، ويرجع قائمكم ) ، والإعلام بوقت السحور لا يكتفى به للفجر ، بل لا بد من أذان آخر إذا طلع الفجر ، كما كان يؤذن nindex.php?page=showalam&ids=100ابن أم مكتوم . ومتمسكهما من حديث nindex.php?page=showalam&ids=115بلال nindex.php?page=showalam&ids=100وابن أم مكتوم واضح ، غير أن العمل المنقول بالمدينة على تقديم أذان الفجر قبله .
ثم اختلف الجمهور في الوقت الذي يؤذن فيه للفجر : فأكثرهم قال : السدس الأخير من الليل . وقيل : النصف . وقيل : بعد خروج وقت العشاء الآخرة . وهذه الأقاويل الثلاثة في مذهبنا .
وقوله : ( ولم يكن بينهما إلا أن يرقى هذا وينزل هذا ) . وفي " nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري " من حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة -رضي الله عنها- ، عن nindex.php?page=showalam&ids=100ابن أم مكتوم : فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر ، وقال فيه : قال القاسم : ولم يكن بين أذانهما إلا أن يرقى ذا وينزل ذا .
وفي " الموطأ " : وكان nindex.php?page=showalam&ids=100ابن أم مكتوم رجلا أعمى ، لا يؤذن حتى يقال له : أصبحت ، أصبحت . ومثله في " nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري " أيضا .
[ ص: 151 ] قلت : وقد أشكل قول القاسم مع مساق حديث nindex.php?page=showalam&ids=115بلال nindex.php?page=showalam&ids=100وابن أم مكتوم ; وذلك : أن حديث nindex.php?page=showalam&ids=115بلال يقتضي : أن بين وقت أذانه وطلوع الفجر زمانا طويلا يتسع لصلاة الليل وللسحور ، وأذان nindex.php?page=showalam&ids=100ابن أم مكتوم يقتضي : أنه كان لا يؤذن حتى يطلع الفجر ، ثم قال القاسم : لم يكن بين أذانهما إلا أن يرقى ذا ، وينزل ذا . وهذا الوقت لا يتسع لشيء من الصلاة ، ولا من السحور ، فتناقضا . وقد انفصل عنه من وجهين :
أحدهما : أن هذا كان من nindex.php?page=showalam&ids=115بلال في بعض الأوقات ، لا في غالبها ، بل كان غالب أحواله : أن يوسع بين أذانه وبين طلوع الفجر . وقد روي : أنه أذن عند طلوع الفجر .
وثانيهما - وهو الأشبه - : أن nindex.php?page=showalam&ids=115بلالا كان يؤذن قبل طلوع الفجر ، فيجلس في موضع أذانه يذكر الله ويدعو حتى ينظر إلى تباشير الفجر ومقدماته ، فينزل ، فيعلم nindex.php?page=showalam&ids=100ابن أم مكتوم بالفجر ، ولعله هو الذي كان يقول له : أصبحت ، أصبحت ; أي : قاربت الصباح . وعند ذلك يرقى nindex.php?page=showalam&ids=100ابن أم مكتوم ، فيؤذن ، والله تعالى أعلم .
فقول القاسم في رواية nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : (بين أذانهما) ; معناه : بينهما ، كما قال في حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : (ولم يكن بينهما) ; أي : لم يكن بين نزول nindex.php?page=showalam&ids=115بلال وصعود nindex.php?page=showalam&ids=100ابن أم مكتوم طويل زمن ، بل بنفس ما ينزل أحدهما يصعد الآخر من غير تراخ ، والله تعالى أعلم .
وقوله : ( إن nindex.php?page=showalam&ids=115بلالا ينادي بليل ) ; دليل على أن ما بعد الفجر لا يقال عليه ليل ، بل هو أول اليوم المأمور بصومه .
وقوله : ( حتى يؤذن nindex.php?page=showalam&ids=100ابن أم مكتوم ) ; أي : حتى يشرع في الأذان ، وهذا [ ص: 152 ] ظاهره . ويحتمل : حتى يفرغ من الأذان . ويؤيد هذا الاحتمال : ما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة الذي قال فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه) . وهذا هو أذان nindex.php?page=showalam&ids=100ابن أم مكتوم ، فإنه مشعر بأن هذا إنما يفعل عند ضيق الوقت ، ولا يصح أن يرد إلى حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ; لأن ذلك صرح فيه بالتراخي والتوسعة تقتضي أكثر من هذا الوقت ، وعلى هذا : فيكون قوله في أذان nindex.php?page=showalam&ids=100ابن أم مكتوم : (حتى يطلع الفجر) ; أي : يقارب . وكذلك (أصبحت) ; أي : قاربت الدخول في الصباح . وهذا التأويل على ما قررناه في حد الصوم : من أن الواجب إمساك جميع أجزاء اليوم ، وحالة : طلوع الفجر من اليوم ، فلا بد من إمساكها ، ويلزم من إمساكها : إمساك جزء من الليل حتى يأمن من الأكل فيما هو جزء من اليوم ، وعلى هذا فأول التبين هو المحرم بنفسه ، لكن اختلف في هذا التبين بالنسبة إلى ماذا يكون : فذهب الجمهور وفقهاء الأمصار والأعصار : إلى أنه أول تبين الفجر في الأفق الذاهب فيه عرضا . وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان ، nindex.php?page=showalam&ids=21وحذيفة ، nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ، وطلق بن علي ، nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء بن أبي رباح ، nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش ، وغيرهم : أن الإمساك يجب لتبين الفجر بالطرق وعلى رؤوس الجبال .
وقد قيل nindex.php?page=showalam&ids=21لحذيفة : إني حين تسحرت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ فقال : هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع .
وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه : أنه صلى الصبح ، ثم قال : الآن تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود .
قال nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري : ومما قادهم إلى هذا القول: أن الصوم إنما هو في النهار ، والنهار عندهم: من طلوع الشمس ، وآخره غروبها ، [فأوله [ ص: 153 ] طلوعها] ، وحكى النقاش عن nindex.php?page=showalam&ids=14248الخليل : أن النهار من طلوع الفجر . ويدل على ذلك قوله تعالى : وأقم الصلاة طرفي النهار
قلت : وما قاله nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري ليس بصحيح ; لأن الله تعالى : إنما أمر بصوم ما يقال عليه يوم ، لا بما يقال عليه نهار ، وكأنه لم يسمع قوله تعالى : أياما معدودات