هذه الثلاثة الأمور متلازمة; إذا حصل الواحد منها حصل سائرها . وإنما جمعها في الذكر - والله أعلم - ; لأن الناظر قد لا يرى عين غروب الشمس لحائل . ويرى ظلمة الليل في المشرق ، فيحل له إذ ذاك الفطر .
وإقبال الليل : إقبال ظلمته . وإدبار النهار: إدبار ضوئه . ومجموعهما : إنما يحصل بغروب الشمس .
وقوله : ( فقد أفطر الصائم ) ; يحتمل أن يكون معناه : دخل في وقت الفطر . كما تقول العرب : أظهر : دخل في وقت الظهر . وأشهر : دخل في الشهر . وأنجد وأتهم : إذا دخل فيهما . أعني : الموضعين . وعلى هذا : لا يكون فيه تعرض للوصال ، لا بنفي ولا بإثبات . ويحتمل أن يكون معناه: فقد صار مفطرا حكما . ومعنى هذا : أن زمان الليل يستحيل فيه الصوم الشرعي . وعلى هذين التأويلين ، يخرج خلاف العلماء: هل يصح إمساك ما بعد الغروب ؟ فمنهم من قال : لا يصح ، وهو كيوم الفطر ، ومنع الوصال ، وقال : لا يصح . ومنهم من جوز إمساك ذلك الوقت ، ورأى : أن له أجر الصائم محتجا بأحاديث الوصال ، وبقوله - صلى الله عليه وسلم - : (فأيكم أراد أن يواصل فليواصل حتى السحر) . قالوا : وإنما نهاهم عن الوصال رحمة لهم [ ص: 159 ] ورفقا بهم ; لما يخاف من الضعف فيه ، ولما يوجد من مشقته . وسيأتي لهذا مزيد .