قول nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة : ( سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صومه فغضب ) ; غضبه عند هذا السؤال يحتمل أوجها :
أحدها : أنه فهم عن السائل: أنه إنما سأل عن صومه ليلتزمه ، وربما يعجز عنه ، فغضب لذلك ، ولم يجبه .
وثانيها : أنه فهم أن السائل إنما سأل ليعلم مقدار ذلك فيزيد عليه ، كما قد سأل نفر عن عبادة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتقالوها ، وقالوا : قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك .
فقال أحدهم : أما أنا: فأصوم ولا أفطر . وقال الآخر : أما أنا: فأصلي الليل ولا أنام . وقال الآخر : أما أنا : فلا أنكح النساء . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (أما أنا فأصلي وأنام ، وأصوم وأفطر ، وأنكح النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني) .
وقد ذكر في ذلك أوجه هذه أقربها ، والله تعالى أعلم .
[ ص: 186 ] وقول nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : ( رضينا . . . .) إلخ ; يقتضي تسكين غضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حيث : إنه يقتضي الطواعية الكلية ، والانقياد التام ، ويتضمن ذلك : مرنا بأمرك ننفذه على أي وجه ، وفي أي محل ، ومن حيث : التعوذ بالله وبرسوله ، وهو الالتجاء إليهما ، والاستجارة بهما من غضبهما .
وقد كان nindex.php?page=showalam&ids=2عمر - رضي الله عنه - جعل هذا الكلام هجيراه مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلما غضب ، فإنه قد روي : أنه قال له هذا الكلام مرارا في مواطن متعددة .
وقوله - صلى الله عليه وسلم - وقد سئل عن صيام الأبد فقال - : ( لا صام ولا أفطر ) ; يحتمل أن يكون دعا عليه ، لا أنه أخبر عنه ، ويحتمل أن يكون خبرا عن أنه لم يأت بشيء . ووجه ذلك : أن من سرد الصوم صار له عادة ، ولم يجد له مشقة ، فيعود النهار في حقه كالليل في حق غيره ، فكأنه ما صام ; إذ لم يجد ما يجده الصائم ، ولا أفطر لصورة الصوم ، وتكون (لا) بمعنى (ما) ; كما قال تعالى : فلا صدق ولا صلى وحمل كثير من العلماء هذا على ما إذا صام الأيام المحرمة ، فأما لو أفطرها : فكرهه قوم ، وأجازه آخرون . وقال أبو الطاهر بن بشير : وهو مستحب . وهذا أبعدها .
وقوله - وقد سئل عن صوم يوم وإفطار يومين: (ليت أن الله قوانا على ذلك ) ; يشكل مع وصاله ، وقوله : ( إني أبيت أطعم وأسقى ) . ويرتفع الإشكال : بأن [ ص: 187 ] هذا كان منه - صلى الله عليه وسلم - في أوقات مختلفة : ففي وقت : يواصل الأيام بحكم القوة الإلهية . وفي آخر : يضعف ; فيقول هذا بحكم الطباع البشرية . ويمكن أن يقال : تمنى ذلك دائما ، بحيث لا يخل بحق من الحقوق التي يخل بها من أدام صومه : من القيام بحقوق الزوجات ، واستبقاء القوة على الجهاد ، وأعمال الطاعات ، والله تعالى أعلم .
وقوله : ( صيام ثلاثة أيام من كل شهر ، ورمضان إلى رمضان صوم الدهر ) ; هذا إنما كان لأن الحسنة بعشر أمثالها . فثلاث من كل شهر كالشهر بالتضعيف ، ورمضان بغير تضعيف شهر ، فيكمل دهر السنة . فإن اعتبر رمضان بتضعيفه كان بإزاء عشرة أشهر ، فإذا أضيفت ستة أيام شوال كان له صوم ستين بالتضعيف .
وعلى مقتضى مساق هذا الحديث ، وعلى ما تقرر من معناه : تستوي أيام الشهر كلها ، ولا فرق بين أن يصوم هذه الثلاثة أيام أول الشهر ، أو وسطه ، أو آخره . وكذلك قالت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة : لم يكن يبالي من أي أيام الشهر كان يصومها . غير أن [ ص: 188 ] nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي روى هذا الحديث عن nindex.php?page=showalam&ids=97جرير ، وقال فيه : صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر ، (أيام البيض) صبيحة ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13055ابن حبيب : تصام الثلاثة الأيام : أول يوم من الشهر ، والعاشر ، والعشرين . قال : وبلغني أن هذا صوم nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك .
وفي تسمية عرفة : بعرفة ، قولان :
أحدهما : أن جبريل كان يري إبراهيم المناسك ، فيقول : عرفت ، عرفت .
وثانيهما : أن آدم وحواء تعارفا هنالك .
وقوله في صيام يوم عرفة : ( يكفر السنة التي قبله ) ; يعني السنة التي هو [ ص: 189 ] فيها ; لأنه في أواخر السنة ، والتي بعدها : يعني التي تأتي متصلة بشهر يوم عرفة .
وعاشوراء : يكفر السنة التي بعده ; لأنه في أوائل السنة الآتية .