رواه أحمد ( 2 \ 309 - 310) ، والبخاري ( 4203 ) ، ومسلم ( 111 ) من حديث أبي هريرة .
و (قوله - عليه الصلاة والسلام - : " الله أكبر! أشهد أني عبد الله ورسوله ; عند وقوع ما أخبر به من الغيب ; دليل على أن ذلك من جملة معجزاته ، وإن لم يقترن بها في تلك الحال تحد قولي ; وهذا على خلاف ما يقوله المتكلمون : أن من شروط المعجزة اقتران التحدي القولي بها ، فإن لم تكن كذلك ، فالخارق كرامة لا معجزة ، والذي ينبغي أن يقال : إن ذلك لا يشترط ; بدليل أن الصحابة - رضي الله عنهم - كانوا كلما ظهر لهم خارق للعادة على يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - ، استدلوا بذلك على صدقه وثبوت رسالته ، كما قد اتفق nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر حين دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قليل الأزواد ، فكثرت فقال عند ذلك : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله ، وكقول [ ص: 320 ] أسامة بن زيد - رضي الله عنه - ، وبدليل الاتفاق على نبع الماء من بين أصابعه ، وتسبيح الحصى في كفه ، وحنين الجذع من أظهر معجزاته ، ولم يصدر عنه مع شيء من ذلك تحد بالقول عند وقوع تلك الخوارق ، ومع ذلك فهي معجزات . والذي ينبغي أن يقال : إن اقتران القول لا يلزم ، بل يكفي من ذلك قول كلي يتقدم الخوارق ; كقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - : الدليل على صدقي ظهور الخوارق على يدي ; فإن كل ما يظهر على يديه منها بعد ذلك يكون دليلا على صدقه وإن لم يقترن بها واحدا واحدا قول . ويمكن أن يقال : إن قرينة حاله تدل على دوام التحدي ، فيتنزل ذلك منزلة اقتران القول ، والله أعلم .
و (قوله : " فنادى في الناس : إنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة ") أي : مؤمنة ; لأن الإسلام العري عن الإيمان لا ينفع صاحبه في الآخرة ، ولا يدخله الجنة ; وذلك بخلاف الإيمان : فإن مجرده يدخل صاحبه الجنة وإن عوقب بترك الأعمال على ما سنذكره إن شاء الله تعالى ; فدل هذا على أن هذا الرجل كان مرائيا منافقا ; كما تقدم .