قوله - وقد سأل - : ( هل عندهم طعام ؟ فقيل : لا ، فقال : إني صائم ) ; حجة لمن قال : إن صوم التطوع يصح بغير نية تبيت ، كما قدمنا الخلاف فيه ، ولا حجة فيه ; إذ يحتمل أن سؤاله أولا : هل عندهم شيء ؟ كان لضعفه عن الصوم فاحتاج إلى الفطر ، فسأل ، فلما لم يجد بقي على ما قدم من صومه ، أو سأل عن ذلك وهو صائم ليعلم هل عندهم ما يحتاج إليه عند إفطاره فتسكن نفسه إليه ، فلا يحتاج إلى تكلف اكتسابه ، ويحتمل أن يكون قوله: ( أنا صائم ) ; أي : لم آكل بعد شيئا ، فيكون صائما لغة .
و ( الزور ) : الزوار ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13147ابن دريد : وهو ما يكون الواحد والجماعة فيه سواء . وقيل : الزور : المصدر ، وبه سمي الواحد والاثنان والجميع ، كما قالوا : رجل صوم وقوم صوم وعدل ، ونحوه nindex.php?page=showalam&ids=14228للخطابي .
و ( الحيس ) قال فيه nindex.php?page=showalam&ids=12002الهروي : هو ثريدة من أخلاط . قال nindex.php?page=showalam&ids=13147ابن دريد : هو التمر مع الأقط والسمن . قال الشاعر :
[ ص: 219 ]
التمر والسمن جميعا والأقط الحيس إلا أنه لم يختلط .
وقولها في هذه الرواية : ( فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأهديت لنا هدية ) ; ظاهره : أن هذا وما قبله كان في يوم واحد ، وليس كذلك ، بدليل : ما جاء في الرواية الأخرى الآتية : ( ثم أتانا يوما آخر ) ، وذكر نحوه .
وقوله : ( قد كنت أصبحت صائما ، فأكل ) ; حجة لمن قال : إن صائم النافلة يجوز أن يفطر فيه ، وأن يخرج منه . وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد ، وإسحاق مع جماعة من الصحابة ، مع استحبابهم له إتمامه من غير وجوب . ومنعه nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر وقال : هو كالملاعب بدينه . وهذا مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة ، والحسن ، nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي ، nindex.php?page=showalam&ids=17134ومكحول ، وألزموه إتمامه إذا دخل فيه . فإن أفطر متعمدا قضاه على [ ص: 220 ] مذهب الملزمين لإتمامه . فلو أفطر ناسيا ، أو مغلوبا ، أو لعذر لم يلزم القضاء ، وأسقط nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة القضاء عن الناسي خاصة ، وأوجبه عليه nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية . وحكى nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : الإجماع على أن المفطر فيه لعذر لا قضاء عليه ; وكأنه لم يقف على ما ذكر عن nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، فإنه خلاف شاذ . ويحمل الحديث عند هؤلاء على أنه صلى الله عليه وسلم كان مجهودا .
وقول nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : ذلك بمنزلة الرجل يخرج الصدقة من ماله ، فإن شاء أمضاها ، وإن شاء أمسكها (قياس) ، ليس بصحيح ، فإن الذي يخرج الصدقة من ماله ولم يعطها للفقير ، ولم يعينها ، لم يدخل في عمل يجب إتمامه ، بخلاف الصائم ; فإنه قد دخل في عمل الصوم ، وقد تناوله نهي قوله تعالى : ولا تبطلوا أعمالكم ; وإنما يدخل في عمل الصدقة بدفعها لمستحقها ، أو بتعيينها ، وحينئذ تجب للفقير ، ويحرم على مخرجها الرجوع فيها ، وأخذها منه ، فأما قبل [ ص: 221 ] ذلك فغاية ما عنده نية الصدقة ; لا الدخول فيها ، فافترق الفرع من الأصل ، ففسد القياس .