قول nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة -رضي الله عنها- : ( لم يكن يبالي من أي أيام الشهر كان يصوم ) ; تعني : أنه لم يكن يعين لصوم الثلاثة زمانا مخصوصا من الشهر يداوم عليه ، وإنما كان يصومها مرة في أوله ، ومرة في آخره ، ومرة في وسطه . وهذا - والله أعلم - لئلا يتخيل متخيل وجوبها لو لوزمت في وقت بعينه ، أو ليبين فرق ما بين الواجب والتطوع ، فإن الواجبات في الغالب معينة بأوقات ، أو ذلك بحسب تمكنه ، والله تعالى أعلم . غير أنه قد جاء في حديث صحيح ذكره nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=97جرير بن عبد الله : تخصيص أيام البيض بالذكر المعين ; فقال - صلى الله عليه وسلم - : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=695886صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر ; أيام البيض صبيحة ثلاث عشرة ، وأربع عشرة ، وخمس [ ص: 233 ] عشرة ) . روينا هذا اللفظ عن متقني مشايخنا ; برفع (أيام) و (صبيحة) على إضمار المبتدأ ، كأنه قال : هي أيام البيض ، عائدا على ثلاثة أيام ، و (صبيحة) يرتفع على البدل من (أيام) . وأما الخفض فيهما : فعلى البدل من (أيام) المتقدمة . هذا أولى ما يوجه في إعرابها .
وعلى التقديرين : فهذا الحديث مفيد لمطلق الثلاثة الأيام التي صومها كصوم الدهر ، على أنه يحتمل أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - عين هذه الأيام لأنها وسط الشهر وأعدله ، كما قال : (خير الأمور أوساطها) .
وعلى هذا يدل قوله - صلى الله عليه وسلم - : (هل صمت من سرة هذا الشهر شيئا) ; على ما يأتي إن شاء الله .
وقد اختلف في أي أيام الشهر أفضل للصوم ؟ فقالت جماعة من الصحابة والتابعين ; منهم : nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ، nindex.php?page=showalam&ids=1584وأبو ذر : أن صوم أيام البيض أفضل ; تمسكا بالحديث المتقدم . وقال آخرون ; منهم : nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي : آخر الشهر أفضل . وقالت فرقة ثالثة : أول الشهر أفضل ; منهم : الحسن . وذهب آخرون : إلى أن الأفضل صيام أول يوم من السبت والأحد والإثنين في شهر ، ثم الثلاثاء والأربعاء والخميس ; منهم nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة . واختار آخرون الإثنين والخميس . وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصوم ثلاثة من كل شهر : أول إثنين ، والخميس الذي بعده ، والخميس الذي يليه . وعن nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة : أول خميس ، والإثنين ، والإثنين . واختار بعضهم : صيام أول يوم من الشهر ، ويوم العاشر ، ويوم العشرين . وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=4أبو الدرداء . ويروى أنه كان صيام nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك . واختاره nindex.php?page=showalam&ids=13270ابن شعبان . وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك كراهة تعمد صيام أيام البيض ، وقال : ما هذا ببلدنا . والمعروف من مذهبه كراهة [ ص: 234 ] تعيين أيام مخصوصة للنفل ، وأن يجعل الرجل لنفسه يوما ، أو شهرا يلتزمه .
والحاصل : أن ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر حيث صامها ، وفي أي وقت أوقعها . واختلاف الأحاديث في هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - تدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يرتب على زمان بعينه من الشهر ، كما قالته nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة -رضي الله عنها- ، وأن كل ذلك قد فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - . ويرحم الله nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا لقد فهم وغنم .