رواه أحمد (4 \ 443-444)، ومسلم (1161) (199 و 200 )، وأبو داود (2328) .
وقوله - صلى الله عليه وسلم - للرجل : ( هل صمت من سرر شعبان شيئا ؟ ) المعروف عند اللغويين وغيرهم : أن سرار الشهر : آخره . يقال : سراره ، وسرره ، وسره وهو حين يستسر الهلال . وقال nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود عن nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي : سره : أوله . وقيل : وسطه .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12758ابن السكيت : سرار الأرض : أكرمها وأوسطها . وسرار كل شيء : وسطه وأفضله .
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض : وقد يكون سرر الشهر من هذا ; أي : أفضل أيامه ، كما جاء في حديث nindex.php?page=showalam&ids=97جرير في ذكر الأيام البيض كما تقدم .
قلت : فإن حملنا السرار في هذا الحديث على أول الشهر لم يكن فيه إشكال ، وإن حملناه على آخر الشهر عارضه قوله - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=65304 (لا تقدموا رمضان بصوم يوم ، ولا يومين) . ويرتفع ما يتوهم من المعارضة بأن يحمل النهي على من لم تكن له عادة بصوم شيء من شعبان فيصومه لأجل رمضان ، وأما من كانت له عادة أن يصوم ، فليستمر على عادته . وقد جاء هذا أيضا في بقية الخبر ، فإنه قال : (إلا أن يكون أحدكم يصوم صوما فليصمه) ، كما تقدم .
[ ص: 235 ] وقوله : ( فصم يومين مكانه ) ; هذا منه - صلى الله عليه وسلم - حمل على ملازمة عادة الخير حتى لا تقطع ، وحض على ألا يمضي على المكلف مثل شعبان فلم يصم منه شيئا ، فلما فاته صومه ، أمره أن يصوم من شوال يومين ليحصل له أجر من الجنس الذي فوته على نفسه .
قلت : ويظهر لي : أنه إنما أمره بصوم يومين للمزية التي يختص بها شعبان ، فلا بعد في أن يقال : إن صوم يوم منه كصوم يومين في غيره . ويشهد لهذا : أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصوم منه أكثر مما كان يصوم من غيره ، اغتناما لمزية فضيلته ، والله تعالى أعلم .