الاعتكاف في اللغة : هو ملازمة الشيء والإقامة فيه . ولما كان المعتكف ملازما للعمل بطاعة الله مدة اعتكافه ; لزمه هذا الاسم . وهو في عرف الشرع : ملازمة طاعة مخصوصة ، على شرط مخصوص ، في موضع مخصوص ، على ما يأتي تفصيله .
وأجمع على: أنه ليس بواجب ، وهو قربة من القرب ، ونافلة من النوافل ، عمل بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وأزواجه ، ويكره الدخول فيه لمن يخاف عليه العجز عن الوفاء بحقوقه .
واختلف منه في مسائل :
المسألة الأولى : هل من شرطه الصوم ، أم لا ؟ فذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وجمهور العلماء إلى أنه شرط فيه; لقوله تعالى : ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد ; ولأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يعتكف قط إلا وهو صائم . قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : وعلى ذلك : الأمر عندنا . قال أبو إسحاق التونسي : ودليلنا على ذلك : ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=16006سفيان بن حسين عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=29844 (لا اعتكاف إلا [ ص: 241 ] بصوم) . قال : ومثله عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ، nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13332أبو عمر بن عبد البر : وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير ، nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ، nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ، والحسن بن حيي ، nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة ، nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف ، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : الاعتكاف جائز بغير صيام . وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ، nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري ، nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء بن أبي رباح ، nindex.php?page=showalam&ids=16673وعمر بن عبد العزيز ، nindex.php?page=showalam&ids=12356وابن أبي عبلة ، وداود .
واختلف فيه عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد ، وإسحاق .
قلت : والصحيح : الاشتراط ; لأنه إن صح حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة فهو نص فيه ، وإن لم يصح وإلا فالأفضل في العبادات والقرب أنها إنما تفعل على نحو ما قررها الشارع ، وعلى ما فعلها ، وقد تقررت مشروعية الاعتكاف مع الصوم في قوله : وأنتم عاكفون في المساجد ; ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يعتكف قط إلا صائما ، فمن ادعى جوازه من غير صوم دفع إلى إقامة دليل على ذلك .
المسألة الثانية : اشتراط المسجد . وهو شرط في الجملة للرجال والنساء عند الجمهور . وقد شذ ابن لبابة من متأخري أصحابنا ، فجوزه بغير صوم ولا مسجد . وقال الكوفيون : لا يعتكف النساء إلا في بيوتهن . وذهب بعض السلف : إلى أنه [ ص: 242 ] لا يعتكف إلا في أحد المساجد الثلاثة ، وذكر عن nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة .
وذهب بعضهم : إلى أنه لا يعتكف ، إلا في مسجد تجمع فيه الجمعة . وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك من مذهبه: أن ذلك إنما يشترط فيمن أراد أن يعتكف أياما تتخللها الجمعة; لأنه إن خرج إلى الجمعة بطل اعتكافه .
والصحيح : اشتراط المسجد للرجال والنساء لقوله تعالى : وأنتم عاكفون في المساجد ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه لم يعتكفوا إلا في المسجد ، رجالهم ونساؤهم .
المسألة الثالثة : قال أئمتنا : الاعتكاف الشرعي هو : ملازمة المسجد ليتفرغ لعبادة الله تعالى مع صوم ، إما له وإما لغيره في مدة أقل واجبها يوم وليلة ، وأقل مستحبها عشرة أيام ولياليها .
وقد خولف أئمتنا في كثير من هذه القيود على ما يأتي في تضاعيف الكلام على الأحاديث إن شاء الله تعالى .
(1) ومن باب: لا اعتكاف إلا في مسجد وبصوم
قوله : ( في قبة تركية على سدتها حصير ) ، القبة التركية: التي لها باب واحد . والسدة : الباب الذي يسد . وهذه القبة هي المعبر عنها في الحديث الآخر : بالبناء . وفي الآخر : بالخيمة .