وفي رواية : فقيل : ذبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عن أزواجه - فلما كانت ليلة الحصبة قلت: يا رسول الله! يرجع الناس بحجة وعمرة وأرجع بحجة؟! قالت: فأمر nindex.php?page=showalam&ids=72عبد الرحمن بن أبي بكر فأردفني على جمله. قالت: فإني لأذكر وأنا جارية حديثة السن أنعس فيصيب وجهي مؤخرة الرحل ، حتى جئنا إلى التنعيم، فأهللت منها بعمرة جزاء بعمرة الناس التي اعتمروا .
رواه أحمد (6 \ 273)، والبخاري (294)، ومسلم (1211) (120 و 121 و 125 )، وأبو داود (1782)، وابن ماجه (2963) .
[ ص: 305 ] (13) ومن باب: تفعل الحائض المناسك كلها إلا الطواف
قولها : ( لا نذكر إلا الحج ) ، و ( لبينا بالحج ) ، قد تقدم : أن هذا إخبار منها عن غالب أحوال الناس ، أو عن أحوال أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فأما هي ، فقد قالت : إنها لم تهل إلا بعمرة .
و ( طمثت) : حاضت ، ويقال : بفتح الميم وكسرها .
وقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( هذا شيء كتبه الله على بنات آدم ) ; يعني : الحيض . وكتبه عليهن ; أي : جبلهن عليه ، وثبته عليهن . وهو تأنيس لها ، وتسلية ، وهو دليل على ميله لها ، وحنوه عليها . وكم بين من يؤنس ويسترضى ، وبين من يقال له : (عقرى حلقى) ؟! .
وقوله : ( غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري ) ; هذا يدل على اشتراط [ ص: 306 ] الطهارة في الطواف . وهو مذهب الجمهور . فلا يجوز عندهم طواف المحدث . وصححه nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد في أحد قوليه ، ورأيا عليه الدم، واعتذرا عن الحديث : بأنه إنما أمرها باجتناب الطواف لأجل المسجد ، وليس بصحيح ; لأنه لو أراد ذلك لقال لها : لا تدخلي المسجد . ولما قال لها : لا تطوفي بالبيت ، كان ذلك دليلا على منع الطواف لنفسه . ويدل على ذلك أيضا : ما خرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي ، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (الطواف بالبيت صلاة) .
وقوله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه : (اجعلوها عمرة) ; إنما قال هذا لمن أحرم بالحج ولم يسق الهدي على ما يأتي .
وقولها : ( فحل الناس ) ; أي : من لم يكن معه هدي .
وقولها : ( ثم أهلوا [ ص: 307 ] حين راحوا ) ; تعني : من حل منهم عند فراغه من العمرة أهل عند خروجه إلى منى بالحج .
وقولها : ( أهدى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نسائه البقر ) ; يدل على أن البقر مما يهدى ، وعلى أنه يجوز أن يهدي الرجل عن غيره وإن لم يعلمه ، ولا أذن له . وكان هذا الهدي - والله أعلم - عنهن تطوعا عمن لم يجب عليها هدي ، وقياما بالواجب عمن وجب عليها منهن هدي ; كما قررناه في حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، والله تعالى أعلم .
وقولها : ( فلما كانت ليلة الحصبة ) - بسكون الصاد - ، وهي : الليلة التي ينزل الناس فيها المحصب عند انصرافهم من منى إلى مكة . والتحصيب : إقامتهم بالمحصب ، وهو الشعب الذي مخرجه إلى الأبطح ، وهو منزل النبي - صلى الله عليه وسلم - حين انصرف من حجته ، وهو خيف بني كنانة ; الذي تقاسمت فيه في الصحيفة التي كتبوها بمقاطعة بني هاشم ، وهو بين مكة ومنى ، وربما يسمى : الأبطح ، والبطحاء : لقربه منه . ونزوله بعد النفر من منى ، والإقامة به إلى أن يصلي الظهر والعصر والعشاءين ويخرج منه ليلا سنة عند nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، وبعض السلف ; اقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ، ولم يره بعضهم ، وسيأتي إن شاء الله تعالى .
وأمره - صلى الله عليه وسلم - لعبد الرحمن أن يعمر nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة من التنعيم ; دليل على أن العمرة فيها الجمع بين الحل والحرم ، وهو قول الجمهور . وقال قوم : إنه يتعين الإحرام بها من التنعيم خاصة ، وهو ميقات المعتمرين من مكة أخذا بظاهر هذا الحديث .
واختلف الجمهور فيمن أحرم بالعمرة من مكة ، ولم يخرج إلى الحل ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء : لا شيء عليه . وقال أصحاب الرأي ، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي في أحد قوليه : عليه [ ص: 308 ] الدم . وكأنه جاوز الميقات . وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي أيضا : لا يجزئه ، ويخرج إلى الحل .