و ( قول nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص : " إن أفضل ما نعد : شهادة : أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ") أي : أفضل ما نتخذه عدة للقاء الله تعالى : الإيمان بالله تعالى ، وتوحيده ، وتصديق رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، والنطق بذلك . وقد تقدم أن الإيمان أفضل الأعمال كلها ، ويتأكد أمر النطق بالشهادتين عند الموت ; ليكون ذلك خاتمة أمره ، وآخر كلامه .
و (قوله : " إني كنت على أطباق ثلاثة ") أي : أحوال ومنازل ، ومنه قوله تعالى : لتركبن طبقا عن طبق [ الانشقاق : 19 ] أي : حالا بعد حال .
و (قوله : " ابسط يمينك فلأبايعك ") بكسر اللام وإسكان العين على الأمر ، أي : أمر المتكلم لنفسه ، والفاء جواب لما تضمنه الأمر الذي هو ابسط من الشرط . ويصح أن تكون اللام لام كي ، وبنصب أبايعك ، وتكون اللام سببية ، والله أعلم .
[ ص: 329 ] و (قوله : " إن الإسلام يهدم ما كان قبله ، وإن الهجرة تهدم ما كان قبلها ، وإن الحج يهدم ما كان قبله ") الهدم هنا : استعارة وتوسع ، يعني به : الإذهاب والإزالة ; لأن الجدار إذا انهدم ، فقد زال وضعه ، وذهب وجوده ، وقد عبر عنه في الرواية الأخرى بالجب ، فقال : يجب ، أي : يقطع ، ومنه المجبوب ، وهو المقطوع ذكره .
ومعنى العبارتين واحد ، ومقصودهما : أن هذه الأعمال الثلاثة تسقط الذنوب التي تقدمتها كلها ، صغيرها وكبيرها ; فإن ألفاظها عامة خرجت على سؤال خاص ; فإن عمرا إنما سأل أن يغفر له ذنوبه السابقة بالإسلام ، فأجيب على ذلك ; فالذنوب داخلة في تلك الألفاظ العامة قطعا ، وهي بحكم عمومها صالحة لتناول الحقوق الشرعية ، والحقوق الآدمية ; وقد ثبت ذلك في حق الكافر الحربي إذا أسلم ; فإنه لا يطالب بشيء من تلك الحقوق ، ولو قتل وأخذ الأموال ، لم يقتص منه بالإجماع ، ولو خرجت الأموال من تحت يده ، لم يطالب بشيء منها .
وذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إلى أن ذلك لا يحل لهم ، وأنه يجب عليهم ردها إلى من كان يملكها من المسلمين ، وأنهم كالغصاب ; وهذا يبعده : أنهم لو استهلكوا ذلك في حالة كفرهم ثم أسلموا ، لم يضمنوا بالإجماع ; على ما حكاه أبو محمد عبد الوهاب .
فأما أسر المسلمين [ ص: 330 ] الأحرار : فيجب عليهم رفع أيديهم عنهم ; لأن الحر لا يملك . وأما من أسلم من أهل الذمة : فلا يسقط الإسلام عنه حقا وجب عليه لأحد من مال أو دم أو غيرهما ; لأن أحكام الإسلام جارية عليهم . واستيفاء الفروع في كتب الفقه . وأما الهجرة ، والحج : فلا خلاف في أنهما لا يسقطان إلا الذنوب والآثام السابقة ، وهل يسقطان الكبائر والصغائر ، أو الصغائر فقط ؟ موضع نظر سيأتي في كتاب الطهارة ، إن شاء الله تعالى .
و (قوله : " فإذا مت ، فلا تصحبني نائحة ولا نار ") إنما وصى باجتناب هذين الأمرين ; لأنهما من عمل الجاهلية ، ولنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك .
و (قوله : " فإذا دفنتموني ، فشنوا علي التراب شنا ") روي هذا الحديث بالسين المهملة ، والمعجمة ، فقيل : هما بمعنى واحد ، وهو الصب ، وقيل : هو بالمهملة : الصب في سهولة ، وبالمعجمة : صب في تفريق . وهذه سنة في صب التراب على الميت في القبر ; قاله عياض ، وقد كره nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في " العتبية " الترصيص على القبر بالحجارة والطوب .
و (قوله : " ثم أقيموا حول قبري قدر ما تنحر جزور ويقسم لحمها ") الجزور بفتح الجيم : من الإبل ، والجزرة : من غيرها ، وفي كتاب " العين " : الجزرة من الضأن والمعز خاصة ، وهي مأخوذة من الجزر ، وهو القطع .