- وفي رواية : قال : هل سقت من هدي؟ قلت: لا - قال : طف بالبيت وبالصفا والمروة ، وأحل ، قال: فطفت بالبيت وبالصفا والمروة، ثم أتيت امرأة من بني قيس ، ففلت رأسي.
- وفي رواية : فمشطتني وغسلت رأسي - ثم أهللت بالحج ، قال: فكنت أفتي به الناس حتى كان في خلافة nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، فقال له رجل: يا nindex.php?page=showalam&ids=110أبا موسى ( أو : يا nindex.php?page=showalam&ids=110عبد الله بن قيس) رويدك بعض فتياك ، فإنك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في النسك بعدك ، فقال: يا أيها الناس من كنا أفتيناه فتيا فليتئد ، فإن أمير المؤمنين قادم عليكم ، فبه فأتموا ، قال: فقدم nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، فذكرت ذلك له. فقال: إن نأخذ بكتاب الله ، فإن كتاب الله يأمر بالتمام ، وإن نأخذ بسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يحل حتى بلغ الهدي محله.
وفي رواية : فقال عمر : قد علمت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد فعله، وأصحابه ، ولكن كرهت أن يظلوا معرسين بهن في الأراك، ثم يروحون في الحج تقطر رؤوسهم .
قوله : ( وهو منيخ بالبطحاء ) أي : مضطجع ببطحاء مكة . وهي المسماة بالأبطح والمحصب .
وقوله : ( لبيك بإهلال كإهلال النبي - صلى الله عليه وسلم -) وهذا كما تقدم من إهلال nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه ، وظاهره : أنه يجوز أن يهل من غير تعيين حج ولا عمرة ، ويحيل في التعيين على إحرام فلان إذا تحقق : أنه أحرم بأحدهما . وقد اختلف في هذا ، فقال بمنعه nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، وأجازه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، كما تقدم .
قلت : ولا تتم حجة nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي بهذا الحديث ، ولا بحديث nindex.php?page=showalam&ids=8علي - رضي الله عنه - حتى يتبين أنهما حيث ابتدأ الإحرام لم يعلما عين ما أحرم به النبي - صلى الله عليه وسلم - ; إذ يجوز أن يكون كل واحد منهما نقل إليه عين ما أحرم به النبي - صلى الله عليه وسلم - . ولفظهما محتمل ، والله تعالى أعلم .
[ ص: 347 ] وقوله : ( وكنت أفتي الناس به ) يعني : بالتحلل لمن أحرم بالحج بعمل العمرة ، وكأن nindex.php?page=showalam&ids=110أبا موسى رضي الله عنه -اعتقد - عموم مشروعية ما أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - من التحلل ، وتعديه لغير الصحابة ، ولم ير أن ذلك خاص بالصحابة -رضي الله عنهم - كما اعتقد غيره منهم .
و ( رويدك ) أي : ارفق رفقك ، أو كف بعض فتياك ، فيصح أن يكون مصدرا ومفعولا ، فيكون مثل قول امرئ القيس :
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل ......
و (فليتئد) : فليرفق .
وقول nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : ( إن نأخذ بكتاب الله فإن كتاب الله يأمر بالتمام ) يعني في قوله تعالى : وأتموا الحج والعمرة لله
وقوله : ( وإن نأخذ بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يحل حتى نحر الهدي ) يعني : أن حجة الوداع لم يحل النبي - صلى الله عليه وسلم - منها حتى رمى جمرة العقبة ، ولم يحل بعمرة ، كما فعل أصحابه .
[ ص: 348 ] وقوله : ( قد فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ) ; يعني به : فسخ الحج في العمرة . ونسبة الفسخ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه أمر بفعله . واعتلاله بقوله : ( كرهت أن يظلوا بهن معرسين في الأراك ) يعني : أنه كره أن يحلوا من حجهم بالفسخ المذكور ، فيطؤون نساءهم قبل تمام الحج الذي كانوا أحرموا به . ولا يظن بمثل nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه ، الذي جعل الله الحق على لسانه وقلبه أنه منع ما جوزه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالرأي والمصلحة ، فإن ذلك ظن من لم يعرف nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، ولا فهم استدلاله المذكور في الحديث ، وإنما تمسك بقول الله عز وجل : وأتموا الحج والعمرة لله ; ففهم : أن من تلبس بشيء منهما وجب عليه إتمامه ، ثم ظهر له : أن ما أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه قضية معينة مخصوصة على ما ذكرناه فيما تقدم ، فقضى بخصوصية ذلك لأولئك. ثم إنه أطلق الكراهية وهو يريد بها التحريم ، وتجنب لفظ التحريم ; لأنه مما أداه إليه اجتهاده . وهذه طريقة كبراء الأئمة : كمالك ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي . وكثيرا ما يقولون : أكره كذا... وهم يريدون التحريم ، وهذا منهم تحرز وحذر ، من قوله تعالى : ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام
( معرسين ) : جمع معرس ، وهو الذي يخلو بعرسه ; أي : بزوجته . ولا يصح [ ص: 349 ] أن يكون من التعريس ; لأن الرواية بتخفيف العين والراء ; ولأن التعريس إنما هو : النزول من آخر الليل ، كما تقدم . ويناقضه قوله : (يظلون ويروحون) فإنهما إنما يقالان على عمل النهار ، والله تعالى أعلم .