أبا خبيب (يعني ابن الزبير) سمع من nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ما كان زعم أنه سمعه منها. قال الحارث بن عبد الله : بلى أنا سمعته منها. قال: سمعتها تقول: ماذا؟ قال: قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن قومك استقصروا من بنيان البيت ، ولولا حداثة عهدهم بالشرك أعدت ما تركوا منه ، فإن بدا لقومك من بعدك أن يبنوه فهلمي لأريك ما تركوا منه. فأراها قريبا من سبع أذرع.
وفي أخرى : فقال عبد الملك : لو كنت سمعته قبل أن أهدمه لتركته على ما بنى nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير.
رواه أحمد ( 6/ 239) والبخاري (1586)، ومسلم (1333) ( 402 و 403 و 404)، والنسائي ( 5/ 261).
وقوله : (يريد أن يجرئهم - أو يحزبهم -) ; الأول : من الجرأة ، وهي الشجاعة . والثاني من التحزيب ، وهو التجميع. هكذا لابن سعيد ، والفارسي ، وغيرهما . ومعنى ذلك : أنه أراد أن يشجعهم أو يجمعهم على أهل الشام بإظهار قبح أفعالهم في الكعبة . وروى العذري الحرف الأول : (يجربهم) بالباء بواحدة ; من التجربة ; أي : يختبر ما عندهم من الغضب لله تعالى ، ولنبيه. وقيد كافتهم الحرف الثاني : (يحربهم) بالحاء والراء المهملتين ، والباء بواحدة ; من التحريب ، وهو : التغضيب . يقال : حربت الأسد . وأسد محرب ; أي : أغضبته ، فهو مغضب .
[ ص: 437 ] وقول nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : ( إنه فرق لي فيها رأي ) ; أي : انكشف واتضح . ومنه قوله تعالى : وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث [الإسراء: 106] ; أي : أوضحناه ، وكشفنا معانيه. و ( وهى ) : ضعف ورث . و ( أجمع رأيه ) - رباعيا - : عزم ، وأمضى . فأما : جمع - ثلاثيا - : فضد التفريق . و ( تحاماه الناس ) ; أي : امتنعوا من نقض البيت خوفا وهيبة . و ( تتابعوا ) كافة الرواة على الباء بواحدة من التتابع . وهو الجيد هنا . وضبطه أبو بحر بالياء باثنتين من تحتها ، ومعناهما واحد ، غير أن : التتايع - بالياء ، باثنتين - أكثره في الشر .
وقوله : ( فجعل nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير أعمدة فستر عليها الستور ) ; إنما فعل ذلك nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير لاستقبال المستقبلين ، وطواف الطائفين ، ولأن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : (إن كنت هادمها فلا تدع الناس لا قبلة لهم. وهذا يدل على أن بقعة البيت ما كانت تتنزل عندهما منزلة البيت ، وقد خالفهما في ذلك nindex.php?page=showalam&ids=36جابر وقال : صلوا إلى موضعها. وقد ذكرنا الخلاف بين الفقهاء في ذلك . وما فعله nindex.php?page=showalam&ids=16414عبد الله بن الزبير -رضي الله عنه- في [ ص: 438 ] البيت كان صوابا وحقا . وقبح الله الحجاج ، وعبد الملك ، لقد جهلا سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واجترأا على بيت الله وعلى أوليائه .
و ( التلطيخ ) : التلويث والتقذير . يقال : لطخت فلانا بأمر قبيح : إذا رماه به . ورجل لطيخ ; أي : قذر . أراد بذلك العيب لفعله . وهو المعاب .
وقوله : ( ثم أعاده إلى بنائه ) ; يعني : البناء الأول المتقدم على بناء nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير . وهو الذي عليه الآن . وقد كان الرشيد أراد أن يرده على ما بناه nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير ، فقال له nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : نشدتك الله يا أمير المؤمنين ! ألا تجعل هذا البيت [ ص: 439 ] ملعبة للملوك ; لا يشاء أحد إلا نقض البيت وبناه ، فتذهب هيبته من صدور الناس . فترك ما هم به ، واستحسن الناس هذا من nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، وعملوا عليه ، فصار هذا كالإجماع . على أنه لا يجوز التعرض له بهد أو تغيير . والله أعلم .
وقوله : ( فأراها قريبا من سبع أذرع ) ; هذا ليس مخالفا لما تقدم من خمس أذرع ; لأن هذا تقدير ، وذكر الخمس تحقيق .
وقول عبد الملك : ( لو كنت سمعته قبل أن أهدمه لتركته على ما بنى nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير ) ; تصريح منه بجهله بالسنة الواردة في ذلك ، وهو غير معذور في ذلك ; فإنه كان متمكنا من التثبت في ذلك ، والسؤال ، والبحث ، فلم يفعل ; واستعجل ، وقصر . فالله حسيبه ، ومجازيه على ذلك .