قوله صلى الله عليه وسلم " إن إبراهيم حرم مكة " ; أي : بلغ حكم تحريمها. وعلى ذلك يحمل قول نبينا صلى الله عليه وسلم " وإني أحرم ما بين لابتي المدينة " ، وقد دل على صحة هذا التأويل قوله صلى الله عليه وسلم " إن الله حرم مكة ولم يحرمها الناس " .
وقوله " وإني دعوت في صاعها ومدها بمثلي ما دعا به إبراهيم لأهل [ ص: 480 ] مكة " ; تفسيره ما جاء في حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس ، وهو قوله : " اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ما بمكة من البركة " .
وقوله " في صاعها ومدها " ; أي : في ذي صاعها وذي مدها ، يعني : فيما يكال بالصاع والمد . ووجه البركة تكثير ذلك وتضعيفه في الوجود أو في الشبع ، وقد فعل الله تعالى كل ذلك بالمدينة ، فانجلب الناس إليها من كل أرض وبلد ، وصارت مستقر ملوك ، وجلبت إليها الأرزاق ، وكثرت فيها مع قلة أكل أهلها وترك نهمهم ، وإنما هي وجبة واحدة يأكلون فيها العلقة من الطعام والكف من التمر، ويكتفى به ، ثم لا يلزم أن يكون ذلك فيها دائما، ولا في كل شخص ، بل تتحقق إجابة دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا وجد ذلك في أزمان أو في غالب أشخاص ، والله تعالى أعلم .