وقوله " أمرت بقرية تأكل القرى " ; أي بالهجرة إليها إن كان قاله بمكة ، أو بسكناها إن كان قاله بالمدينة ، وأكلها القرى هو أن منها افتتحت جميع القرى ، [ ص: 498 ] وإليها جبي فيء البلاد وخراجها في تلك المدد ، وهو أيضا من علامات نبوته صلى الله عليه وسلم .
وقوله " يقولون يثرب ، وهي المدينة " ; أي : يسميها الناس يثرب ، والذي ينبغي أن تسمى به المدينة ، فكأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كره ذلك الاسم على عادته في كراهته الأسماء غير المستحسنة وتبديلها بالمستحسن منها ، وذلك أن يثرب لفظ مأخوذ من الثرب وهو الفساد ، والتثريب : وهو المؤاخذة بالذنب . وكل ذلك من قبيل ما يكره . وقد فهم العلماء من هذا منع أن يقال يثرب ، حتى قال nindex.php?page=showalam&ids=16741عيسى بن دينار : من سماها يثرب كتبت عليه خطيئة . فأما قوله تعالى : يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا [الأحزاب: 13] هو حكاية عن قول المنافقين . وقيل : سميت يثرب بأرض هناك ، المدينة ناحية منها . وقد سماها النبي - صلى الله عليه وسلم - طيبة وطابة ، من الطيب ، وذلك أنها طيبة التربة والرائحة ، وهي تربة النبي صلى الله عليه وسلم ، وتطيب من سكنها ويستطيبها المؤمنون .