قوله : ( لكل غادر لواء يوم القيامة يرفع له ) ; هذا منه - صلى الله عليه وسلم - خطاب للعرب بنحو ما كانت تفعل ، وذلك : أنهم يرفعون للوفاء راية بيضاء ، وللغدر راية سوداء ، ليشهروا به الوفي ، فيعظموه ، ويمدحوه ، والغادر فيذموه ، ويلوموه بغدره . وقد شاهدنا هذا فيهم عادة مستمرة إلى اليوم . فمقتضى هذا الحديث : أن الغادر يفعل به مثل ذلك ; ليشهر بالخيانة والغدر ، فيذمه أهل الموقــف ، ولا يبعد أن يكون الوفي بالعهد يرفع له لواء يعرف به وفاؤه وبره ، فيمدحه أهل الموقــف ، كما يرفع لنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - لواء الحمد فيحمده كل من في الموقــف .