رواه أحمد ( 4 \ 353 ) والبخاري (2933)، ومسلم (1742) (20 و 21) ، وأبو داود (2631).
[ ص: 525 ] وقوله : ( اللهم منزل الكتاب ، ومجري السحاب ، وهازم الأحزاب ، سريع الحساب ) ; دليل على جواز السجع في الدعاء إذا لم يتكلف. والأحزاب : جمع حزب . وهم الجمع والقطعة من الناس ، ويعني بهم الذين تحزبوا عليه في المدينة فهزمهم الله تعالى بالريح . ووصف الله بأنه سريع الحساب ; يعني به : يعلم الأعداد المتناهية وغيرها في آن واحد ، فلا يحتاج في ذلك إلى فكر ولا عقد ; كما يفعله الحساب منا .
وقوله : ( الجنة تحت ظلال السيوف ) ; هذا من الكلام النفيس البديع ، الذي جمع ضروب البلاغة من جزالة اللفظ ، وعذوبته ، وحسن استعارته ، وشمول المعاني الكثيرة ، مع الألفاظ المعسولة الوجيزة ; بحيث تعجز الفصحاء اللسن البلغاء عن إيراد مثله ، أو أن يأتوا بنظيره وشكله . فإنه استفيد منه مع وجازته الحض على الجهاد ، والإخبار بالثواب عليه ، والحض على مقاربة العدو ، [ ص: 526 ] واستعمال السيوف ، والاعتماد عليها ، واجتماع المقاتلين حين الزحف ، بعضهم لبعض ، حتى تكون سيوفهم بعضها يقع على العدو ، وبعضها يرتفع عنهم ; حتى كأن السيوف أظلت الضاربين بها ، ويعني : أن الضارب بالسيف في سبيل الله يدخله الله الجنة بذلك . وهذا كما قاله في الحديث الآخر : (الجنة تحت أقدام الأمهات) ; أي : من بر أمه ، وقام بحقها ، دخل الجنة .