قول سعد : ( نزلت في أربع آيات ) ، ولم يذكر غير آية واحدة هنا ، وقد جاءت الثلاثة الباقية مبينة في كتاب nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، وسيأتي .
وقوله : ( نفلنيه ) ; أي : أعطني إياه . قال لبيد :
إن تقوى ربنا خير نفل وبإذن الله ريثي والعجل
ومنه سمي الرجل نوفلا لكثرة عطائه. ويكون النفل أيضا: الزيادة. ومنه نوافل الصلوات ، وهي الزوائد على الفرائض .
[ ص: 535 ] وقوله : ( أو أجعل كمن لا غناء له ) ; الرواية الصحيحة بفتح الواو ، ومن سكنها غلط ; لأنها الواو الواقعة بعد همزة الاستفهام ، ولا تكون إلا مفتوحة . وأما (أو) الساكنة : فلا تكون إلا لأحد الشيئين. وهذا الاستفهام من سعد على جهة الاستبعاد والتعجب من أن ينزل من ليس في شجاعته منزلته ، لا على جهة الإنكار ، لأنه لا يصح ، ولا يحل الإنكار على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، لا سيما ممن يكون في منزلة سعد ، ومعرفته بحق النبي - صلى الله عليه وسلم - ، واحترامه له .
و ( الغناء ) بفتح الغين ، والمد : النفع . و (الغنى) - بكسر الغين والقصر - : كثرة المال .
وقوله : ( فنزلت هذه الآية : يسألونك عن الأنفال [الأنفال: 1] ; يقتضي أن يكون ثم سؤال عن حكم الأنفال ، ولم يكن هنالك سؤال عن ذلك على ما يقتضيه هذا الحديث ، ولذلك قال بعض أهل العلم : إن (عن) صلة . ولذلك قرأ nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود بغير (عن) : (يسألونك عن الأنفال) . وقال بعضهم : إن (عن) بمعنى (من) ; لأنه إنما سأل شيئا معينا ، وهو السيف ، وهو من الأنفال .
و (الأنفال) : جمع نفل - بفتح الفاء - ; كجمل وأجمال ، ولبن وألبان .
وقد اختلف في المراد بالأنفال هنا في الآية ; هل هي الغنائم ؟ لأنها عطايا ، أو هي مما ينفل من الخمس بعد القسم ؟ وكذلك اختلف في أخذ سعد لهذا السيف ; هل كان أخذه له من القبض قبل القسم ، أو بعد القسم ؟ وظاهر قوله : ( ضعه حيث أخذته ) : أنه قبل القسم; لأنه لو كان أخذه له بعد القسم لأمره أن يرده إلى من صار إليه في القسم .
[ ص: 536 ] وقوله تعالى : قل الأنفال لله والرسول [الأنفال: 1]; ظاهره إن حملنا الأنفال على الغنائم ; أن الغنيمة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وليست مقسومة بين الغانمين . وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وجماعة . ورأوا : أنها منسوخة بقوله تعالى : واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه الآية [الأنفال: 41]، وظاهرها : أن أربعة أخماس الغنيمة للغانمين . وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أيضا : أنها محكمة ، غير منسوخة ، وأن للإمام أن ينفل من الغنائم ما شاء لمن شاء ; لما يراه من المصلحة . وقيل : هي مخصوصة بما شذ من المشركين إلى المسلمين من : عبد ، أو أمة ، أو دابة . وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ، والحسن . وقيل : المراد بها : أنفال السرايا . والأولى : أن الأنفال المذكورة في هذه الآية هي ما ينفله الإمام من الخمس ; بدليل قوله تعالى : واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولا يصح الحكم بالنسخ ; إذ الجمع بين الآيتين ممكن ، ومتى أمكن الجمع فهو أولى من النسخ ، باتفاق الأصوليين . وقال nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد في الآية : إنها محكمة ، غير منسوخة ، وإن المراد بالأنفال : ما ينفله الإمام من الخمس . وعلى هذا : فلا نفل إلا من الخمس ، ولا يتعين الخمس إلا بعد قسمة الغنيمة خمسة أخماس ، وهو المعروف من مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : أن الأنفال من خمس الخمس . وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة ، nindex.php?page=showalam&ids=16935والطبري . وأجاز nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي النفل قبل إحراز الغنيمة ، وبعدها . وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=11956أبي ثور ، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد ، nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري .