وقوله : ( كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله ) ; أفاء : أي : رد على رسوله من أموال الكفار . وهذا يدل على : أن الأموال إنما كانت للمسلمين بالأصالة ، ثم صارت للكفار بغير الوجوه الشرعية ، فكأنهم لم يملكوا ملكا صحيحا ، لا سيما إذا تنزلنا على أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة ، ومع ذلك فلهم شبهة الملك ; إذ قد أضاف الله إليهم أموالا ; كما أضاف إليهم أولادا ، فقال : فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم [التوبة: 55] وقد اتفق المسلمون على : أن الكافر إذا أسلم وبيده مال غير متعين للمسلمين كان له ، لا ينتزعه أحد منه بوجه من الوجوه . وسيأتي للمسألة مزيد بيان .
وقوله : ( مما لم يوجف عليه ) ; أي : يسرع . والإيجاف : الإسراع ، ووجيف الخيل : إسراعها . والركاب : الإبل .
وقوله : ( فكانت للنبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة ) ; هذا الحديث حجة nindex.php?page=showalam&ids=16867لمالك على : أن الفيء لا يقسم ، وإنما هو موكول لاجتهاد الإمام ، والخلاف الذي ذكرناه في الخمس هو الخلاف هنا ، nindex.php?page=showalam&ids=16867فمالك لا يقسمه ، nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة يقسمه أثلاثا ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي أخماسا .
[ ص: 558 ] وقوله : ( فكان ينفق على أهله نفقة سنة ) ; أي : يعطيهم قوت سنتهم ، كما في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : nindex.php?page=hadith&LINKID=654938 (أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يبيع نخل بني النضير ، ويحبس لأهله قوت سنتهم) . وأما لنفسه فما روي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه ادخر ، ولا احتكر ; وإنما كان يفعل ذلك بأهله قياما لهم بحقوقهم . ودفعا لمطالبتهم ، ومع ذلك فكان أهله يتصدقن ، وقلما يمسكن شيئا ، ولذلك ما قد كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - ربما ينزل به الضيف فيطلب له شيئا في بيوت أزواجه ، فلا يوجد عندهن شيء .
وفيه ما يدل على: جواز ادخار قوت العيال سنة ، ولا خلاف فيه إذا كان من غلة المدخر ، وأما إذا اشتراه من السوق ، فأجازه قوم ومنعه آخرون إذا أضر بالناس . وهو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في الاحتكار مطلقا .