المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
3352 [ 1313 ] وعن عائشة: أنها قالت لرسول الله-صلى الله عليه وسلم-: يا رسول الله، هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ فقال: "لقد لقيت من قومك ، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني فقال: "إن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم" قال: "فناداني ملك الجبال وسلم علي، ثم قال: يا محمد، إن الله قد سمع قول قومك لك، وأنا ملك الجبال، وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك، وما شئت؟ إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين". فقال له رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: " بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده ، لا يشرك به شيئا".

رواه البخاري (3231)، ومسلم (1795).


ويوم العقبة : هو اليوم الذي لقي فيه ابن عبد ياليل بن عبد كلال في آخرين فكذبوه ، وسبوه ، واستهزؤوا به ، فرجع عنهم ، فلقيه سفهاء قريش ، فرموه بالحجارة حتى أدموا رجليه ، وآذوه أذى كثيرا .

وقوله : ( لم أستفق ) ; أي : لم أفق- مما كان غشيه من الهم- إلا بقرن الثعالب ; أي : لم يشعر بطريقه إلا وهو في هذا الموضع ، وهو قريب من قرن المنازل ، الذي هو ميقات أهل العراق ، وهو على يوم من مكة .

و ( الأخشبان ) : جبلا مكة . و ( أطبق ) ; أي : أجعلهما عليهم كالطبق.

وإذا تأملت هذا الحديث انكشف لك من حاله - صلى الله عليه وسلم - معنى قوله: وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين [الأنبياء: 107].

التالي السابق


الخدمات العلمية