رواه أحمد ( 2 \ 169 )، ومسلم (1906)، وأبو داود (2497)، والنسائي ( 6 \ 17 و 18)، وابن ماجه (2785).
[ ص: 748 ] (50) ومن باب: الغنيمة نقصان من الأجر
قوله : ( ما من غازية تغزو في سبيل الله ، فيصيبون الغنيمة ، إلا تعجلوا ثلثي أجرهم ، ويبقى لهم الثلث ، وإن لم يصيبوا غنيمة تم لهم أجرهم ) . قوله : ( ما من غازية ) هو صفة لموصوف محذوف للعلم به. أي : ما من جماعة ، أو سرية . و ( تغزو ) بالتأنيث والإفراد: راجع إلى لفظ غازية . و ( يصيبون ) بالتذكير والجمع : راجع إلى معناها . وقد ذهب غير واحد : إلى أن هذا الحديث معارض بحديث أبي هريرة ; الذي قال فيه : (نائلا ما نال من أجر أو غنيمة) ; على ما تقدم . وظاهر هذا الحديث- أعني حديث nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو - أن له مجموع الأمرين ، وقد اجتمع لأهل بدر سهمهم . ولما صح عند هؤلاء هذا التعارض ، فمنهم من رد هذا الحديث ، وضعفه ، وقال : في إسناده حميد بن هانئ ، وليس بمشهور ، ورجحوا الحديث الأول عليه لشهرته .
[ ص: 749 ] قلت : وهذا ليس بشيء ، فلا يلتفت إليه ; لأن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري قد ذكر حميد بن هانئ هذا فقال : هو مصري ، سمع أبا عبد الرحمن الحبلي ، وعمرو بن مالك ، وسمع منه حيوة بن شريح ، nindex.php?page=showalam&ids=16472وابن وهب . ومنهم من رام الجمع بأن قال : إن الأول محمول على مجرد النية والإخلاص في الجهاد ، فذلك هو الذي ضمن الله له إما الشهادة ، وإما رده إلى أهله مأجورا غانما . ويحمل الثاني على ما إذا نوى الجهاد ، ولكن مع نية المغنم ; فلما انقسمت نيته انحط أجره عن الأول .
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض : وأوضح من هذا عندي : أن أجر الغانم بما فتح الله تعالى عليه من الدنيا وحساب ذلك عليه ، وتمتعه به في الدنيا ، وذهاب شظف عيشه في غزوه وبعده ; إذا قوبل بمن أخفق ولم يصب شيئا ، وبقي على شظف عيشه ، والصبر على حالته ، وجد أجر هذا وافيا موفرا بخلاف الأول. ومثله قوله في الحديث الآخر : nindex.php?page=hadith&LINKID=653623 (فمنا من مضى لم يأكل من أجره شيئا ، ومنا من أينعت له ثمرته ، فهو يهدبها) ، ويدل على صحة هذا التأويل قوله : ( إلا تعجلوا ثلثي أجرهم ) .
قلت : ويحتمل أن يقال : إن هذه التي أخفقت إنما يزاد في أجرها لشدة ابتلائها ، وأسفها على ما فاتها من الظفر والغنيمة. والله تعالى أعلم.
وقوله : ( تخفق ) ; أي: تخيب . يقال: أخفق الصائد، إذا خاب، وكذلك [ ص: 750 ] كل طالب حاجة إذا لم تحصل له .