قوله: " لا تسل الإمارة " هو نهي، وظاهره التحريم، وعلى هذا يدل قوله هذا: " إنا والله لا نولي على هذا العمل أحدا يسأله أو حرص عليه "، وسببه أن سؤالها والحرص عليها مع العلم بكثرة آفاتها وصعوبة التخلص منها دليل على أنه يطلبها لنفسه ولأغراضه، ومن كان هكذا أوشك أن تغلب عليه نفسه فيهلك، وهذا معنى قوله: " وكل إليها "، ومن أباها لعلمه بآفاتها ولخوفه من التقصير في حقوقها وفر منها ثم إن ابتلي بها فيرجى له ألا تغلب عليه نفسه للخوف الغالب عليه، فيتخلص من آفاتها، وهذا معنى قوله: " أعين عليها ".
وهذا كله محمول على ما إذا كان هنالك جماعة ممن يقوم بها، ويصلح لها، فأما لو لم يكن هنالك ممن يصلح لها إلا واحد لتعين ذلك عليه ووجب أن يتولاها ويسأل ذلك، ويخبر بصفاته التي يستحقها بها من العلم والكفاية وغير ذلك؛ كما قال يوسف عليه السلام: قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم [يوسف: 55]