وفي رواية: استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من الأسد على صدقات بني سليم يدعى ابن الأتبية، فلما جاء حاسبه، قال: هذا مالكم، وهذا هدية ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهلا جلست في بيت أبيك وأمك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقا؟ ! ثم خطبنا فذكر نحوه.
رواه البخاري (6979)، ومسلم (1832) (26 و 27)، وأبو داود (2946).
[ ص: 31 ] (6) ومن باب: ما جاء في هدايا الأمراء
" اللتبية " بضم اللام وفتح التاء هي الرواية المعروفة هنا، قال القاضي أبو الفضل عياض : وصوابه " الأتبية " بسكون التاء باثنتين من فوقها. قال: و " لتب " بضم اللام وسكون التاء بطن من العرب.
قلت: وقد جاء في الرواية الأخرى " الأتبية "، وكلاهما صحيح الرواية جائز.
وقوله: " أفلا قعد في بيت أبيه وأمه حتى ينظر أيهدى إليه أم لا؟ "؛ يعني أن الذي يستخرج الهدايا من الناس للأمير إنما هو رهبة منه أو رغبة فيما في يديه أو في يدي غيره، ويستعين به عليه، فهي رشوة.
[ ص: 32 ] و " العفرة " بياض يضرب إلى الصفرة - قاله nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي .
ويفهم من تكرار " اللهم هل بلغت؟ " ومن هذه الحالة تعظيم ذلك وتغليظه.
وليس لأحد أن يتمسك في استباحة هدايا الأمراء بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبل الهدية، ولا بما يروى أن النبي صلى الله عليه وسلم أباح لمعاذ الهدية حين وجهه إلى اليمن .
أما الجواب عن النبي صلى الله عليه وسلم فمن وجهين:
أحدهما: أنه كان لا يقبل الهدية إلا ممن يعلم أنه طيب النفس بها، ومع ذلك فكان يكافئ عليها بأضعافها غالبا.
والثاني: أنه صلى الله عليه وسلم معصوم عن الجور والميل الذي يخاف منه على غيره [ ص: 33 ] بسبب الهدية.
وأما عن حديث nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ فلأنه لم يجئ في الصحيح، ولو صح لكان ذلك مخصوصا بمعاذ لما علم رسول الله صلى الله عليه وسلم من حاله وتحققه من فضله ونزاهته ما لا يشاركه فيه غيره، ولم يبح ذلك لغيره بدليل هذه الأحاديث الصحاح، والله تعالى أعلم.