قوله: " على المرء المسلم السمع والطاعة " ظاهر في وجوب السمع والطاعة للأئمة والأمراء والقضاة، ولا خلاف فيه إذا لم يأمر بمعصية، فإن أمر [ ص: 39 ] بمعصية فلا تجوز طاعته في تلك المعصية قولا واحدا، ثم إن كانت تلك المعصية كفرا وجب خلعه على المسلمين كلهم، وكذلك لو ترك إقامة قاعدة من قواعد الدين كإقام الصلاة وصوم رمضان وإقامة الحدود ومنع من ذلك، وكذلك لو أباح شرب الخمر والزنا ولم يمنع منها لا يختلف في وجوب خلعه، فأما لو ابتدع بدعة ودعا الناس إليها فالجمهور على أنه يخلع.
وذهب البصريون إلى أنه لا يخلع تمسكا بقوله عليه الصلاة والسلام: nindex.php?page=hadith&LINKID=656532 "إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان"، وهذا يدل على استدامة ولاية المتأول وإن كان مبتدعا، فأما لو أمر بمعصية مثل أخذ مال بغير حق أو قتل أو ضرب بغير حق فلا يطاع في ذلك ولا ينفذ أمره، ولو أفضى ذلك إلى ضرب ظهر المأمور وأخذ ماله؛ إذ ليس دم أحدهما ولا ماله بأولى من دم الآخر ولا ماله، وكلاهما يحرم شرعا؛ إذ هما مسلمان، ولا يجوز الإقدام على واحد منهما لا للآمر ولا للمأمور؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: " nindex.php?page=hadith&LINKID=30912لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " كما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري ، ولقوله هنا: " فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة ".
ويحتمل أن يكون ذلك خطابا لمن يفعل به ذلك بتأويل يسوغ للأمير بوجه يظهر له ولا يظهر ذلك للمفعول به، وعلى هذا يرتفع التعارض بين الأحاديث ويصح الجمع، والله تعالى أعلم.