" الحديبية " ماء قريب من مكة نزله النبي صلى الله عليه وسلم حين أراد العمرة فصدته قريش ، فوجه إليهم nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان ليخبرهم بأنه جاء معتمرا ولم يجئ لقتال، فأبطأ عليه، فأرجف بأنه قتل، فبايع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه هذه البيعة المسماة ببيعة الرضوان - وقد تقدم ذكرها.
وقول nindex.php?page=showalam&ids=36جابر " كنا في الحديبية ألفا وأربعمائة "، قد روي أنهم كانوا ألفا وخمسمائة، وإنما اختلف قوله لأن ذلك العدد كان عنده تخمينا لا تحقيقا إن لم يكن غلطا من بعض الرواة.
[ ص: 67 ] وقوله: " بايعناه على ألا نفر، ولم نبايعه على الموت " مخالف لما قاله سلمة أنهم بايعوه في ذلك اليوم على الموت، وكذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=113عبد الله بن زيد : وهذا خلاف لفظي، وأما المعنى فمتفق عليه؛ لأن من بايع على ألا يفر حتى يفتح الله عليه أو يقتل فقد بايع على الموت، فكأن nindex.php?page=showalam&ids=36جابرا لم يسمع لفظ الموت وأخذ غيره الموت من المعنى فعبر عنه. ويشهد لما ذكرته أنه قد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر في غير كتاب مسلم أن البيعة كانت على الصبر، وكان هذا الحكم خاصا بأهل الحديبية ، فإنه مخالف لما في كتاب الله تعالى من إباحة الفرار عند مثلي العدد كما نص عليه في سورة الأنفال، وعلى مقتضى بيعة الحديبية لا فرار أصلا، فهذا حكم خاص بهم، والله تعالى أعلم. ولذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=113عبد الله بن زيد : لا أبايع على هذا أحدا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم إن الناس اختلفوا في العدد المذكور في آيتي الأنفال؛ فحمله جمهور [ ص: 68 ] العلماء على ظاهره من غير اعتبار للقوة والضعف والشجاعة والجبن، وحكى nindex.php?page=showalam&ids=13055ابن حبيب عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وعبد الملك أن المراد بذلك القوة والتكافؤ دون تعيين العدد، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13055ابن حبيب : والقول الأول أكثر، فلا تفر المائة من المائتين وإن كانوا أشد جلدا وأكثر سلاحا.
قلت: وهو الظاهر من الآية.
قال عياض : ولم يختلف أنه متى جهل منزلة بعضهم على بعض في مراعاة العدد لم يجز الفرار.