(قوله: لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها ). لا يجمع - برفع العين - هي الرواية على الخبر عن المشروعية، فيتضمن النهي عن ذلك. وهذا الحديث مجمع على العمل به في تحريم الجمع بين من ذكر فيه بالنكاح. وكذلك: أجمع المسلمون على تحريم الجمع بين الأختين بالنكاح؛ لقوله تعالى: وأن تجمعوا بين الأختين [النساء: 23] وأما بملك اليمين؛ فروي عن بعض السلف جوازه، وهو خلاف شاذ استقر الإجماع بعده على خلافه. وأجاز الخوارج الجمع بين الأختين، وبين المرأة وعمتها، وخالتها. ولا يعتد بخلافهم؛ لأنهم [ ص: 102 ] مرقوا من الدين، وخرجوا منه؛ ولأنهم مخالفون للسنة الثابتة.
و (قول nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب : ( فنرى خالة أبيها، وعمة أبيها في تلك المنزلة ) إنما صار nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب إلى ذلك؛ لأنه حمل الخالة والعمة على العموم، وتم له ذلك؛ لأن العمة: اسم لكل امرأة شاركت أباك في أصليه، أو في أحدهما. والخالة: اسم لكل أنثى شاركت أمك في أصليها، أو في أحدهما.
وقد عقد علماؤنا فيمن يحرم الجمع بينهما عقدا حسنا، فقالوا: كل امرأتين بينهما نسب؛ بحيث لو كانت إحداهما ذكرا لحرمت عليه الأخرى، فلا يجمع بينهما. وإن شئت أسقطت: بينهما نسب.
وقلت بعد قولك: "كانت إحداهما ذكرا لحرمت عليه الأخرى " من الطرفين. وفائدة هذا الاحتراز مسألة نكاح المرأة وربيبتها؛ فإن الجمع بينهما جائز، ولو قدرت امرأة الأب رجلا لحلت له الأخرى. وهذا التحري هو على مذهب الجمهور المجيزين للجمع بين المرأة وربيبتها، وقد منعه الحسن ، nindex.php?page=showalam&ids=12526وابن أبي ليلى ، وعكرمة .
وعلل الجمهور منع الجمع بين من ذكرناه؛ لما يفضي إليه الجمع من قطع الأرحام القريبة؛ بما يقع بين الضرائر من الشنآن والشرور بسبب الغيرة.
ويرتفع الإشكال بأن تقدر الواو زائدة. ويكون الكلام الذي بعدها مؤكدا لما قبلها، ومؤيدا له.
وفي كتاب nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا: nindex.php?page=hadith&LINKID=682627نهى أن يجمع بين العمة والخالة، وبين العمتين والخالتين. قال nindex.php?page=showalam&ids=12940ابن النحاس : الواجب على لفظ هذا الحديث: ألا يجمع بين امرأتين، إحداهما عمة الأخرى، [ ص: 104 ] والأخرى خالة الأخرى.
وهذا يخرج على وجه صحيح. وهو: أن يكون رجل وابنه تزوجا امرأة وابنتها؛ تزوج الأب البنت والابن الأم، فولدت كل واحدة منهما بنتا، فابنة الأب عمة ابنة الابن، وابنة الابن خالة ابنة الأب.
وأما الخالتان: فأن يتزوج رجل ابنة رجل، ويتزوج الثاني ابنة الأول، فيولد لكل منهما ابنة، فابنة كل واحد منهما خالة الأخرى.
وأما العمتان: فأن يتزوج رجل أم رجل، ويتزوج الآخر أم الآخر، ثم يولد لكل واحد منهما ابنة، فبنت كل واحد منهما عمة الأخرى.