رواه أحمد ( 3 \ 195 )، ومسلم (1428) (87م)، والنسائي ( 6 \ 79 ). [ 1484 ] وعنه قال: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أولم على امرأة ما أولم على زينب فإنه ذبح شاة.
وفي رواية: قال ثابت: ثم أولم؟ قال: أطعمهم خبزا ولحما حتى تركوه.
رواه البخاري (5168)، ومسلم (1428) (90)، وأبو داود (3743)، وابن ماجه (1908).
(قول nindex.php?page=showalam&ids=9أنس : لما انقضت عدة زينب ) يعني من طلاق nindex.php?page=showalam&ids=138زيد بن حارثة ؛ الذي قال الله تعالى فيه: وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه إلى قوله: فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها [الأحزاب: 37] الآية. وقد ذكرنا في كتاب الإيمان الصحيح من أقوال العلماء في هذه الآية.
و ( قوله صلى الله عليه وسلم لزيد : فاذكرها علي ) أي: اخطبها لي. هو امتحان لزيد ، وابتلاء له، حتى يظهر صبره، وانقياده، وطوعه.
و ( تخمير العجين ): جعل الخمير فيه، وتركه إلى أن يطيب.
و (قوله: فلما رأيتها عظمت في صدري، حتى ما أستطيع أن أنظر إليها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرها ) بفتح (أن) لا غير؛ لأنها في معنى: (لأن) أو: من أجل أن. وهي معمولة ل (عظمت) ومعناه: أنه لما خطبها النبي صلى الله عليه وسلم وعلم زيد أنها صالحة لأن تكون من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ومن أمهات المؤمنين؛ حصل لها في نفسه صورة أخرى، وإجلال زائد على ما كان لها عنده في حال كونها زوجته. وتوليته إياها ظهره: مبالغة في التحرز من رؤيتها، وصيانة لقلبه من التعلق بها. على أن الحجاب إذ ذاك لم يكن مشروعا بعد، على ما يدل عليه بقية الخبر.
و (قوله: ونكصت على عقبي ) أي: رجع خلفه، وقهقر إليها حتى سمع [ ص: 147 ] حديثها، فلما أخبرها قالت: ( حتى أؤامر ربي ) أي: أستخيره، وأنظر أمره علي على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما وكلت أمرها إلى الله، وصح تفويضها إليه؛ تولى الله تعالى إنكاحها منه صلى الله عليه وسلم ولم يحوجها إلى ولي يتولى عقد نكاحها؛ ولذلك قال تعالى: فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها [الأحزاب: 37] ولما أعلمه الله تعالى بذلك؛ دخل عليها بغير ولي، ولا تجديد عقد، ولا تقرير صداق، ولا شيء مما يكون شرطا في حقوقنا، ومشروعا لنا. وهذا من خصوصياته صلى الله عليه وسلم اللاتي لا يشاركه فيها أحد بإجماع المسلمين.
و (قوله: ولقد رأيتنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أطعمنا الخبز واللحم حين امتد النهار ) أي: ارتفع واشتد ضحاؤه. وهذه الوليمة التي أولم فيها بالشاة، كما جاء في الرواية الأخرى. وفي خروجه من البيت، وترك المتحدثين على حالهم، ولم يهجهم: ما يدل على كرم أخلاقه، وحسن معاملته، وكثرة حيائه، وإن يتحمل فيه مشقة ومخالفة مقصده.
[ ص: 148 ] ودورانه على حجر نسائه تفقد لأحوالهن، وجبر لقلوبهن، واستدعاء لما عندهن من أحوال قلوبهن؛ لأجل تزويجه؛ ولذلك استلطفنه بقولهن: كيف وجدت أهلك يا رسول الله؟ ! وصدور مثل هذا الكلام عنهن في حال ابتداء اختصاص الضرة الداخلة به يدل على قوة عقولهن، وصبرهن، وحسن معاشرتهن، وإلا فهذا موضع الطيش والخفة للضرائر، لكنهن طيبات لطيب.
[ ص: 149 ] ويقال: إن هذه الآية نزلت لما قال بعضهم - وقد تكلم مع زوجة من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم: لأتزوجن بها بعده؛ فأنزل الله الآية. وقد حكي هذا القول عن بعض فضلاء الصحابة. وحاشاهم عن مثله. وإنما الكذب في نقله. وإنما يليق مثل هذا القول بالمنافقين الجهال.
وقد صرح nindex.php?page=showalam&ids=9أنس في هذا الحديث بأن الحجاب إنما نزل بسبب ما جرى.
وقد جاء في الصحيح: أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه كان قد ألح على النبي صلى الله عليه وسلم في أن يحجب نساءه. وكان يقول له: (احجب نساءك، فإنهن يراهن البر والفاجر). وكان يقول nindex.php?page=showalam&ids=93لسودة إذا خرجت: (قد عرفناك يا nindex.php?page=showalam&ids=93سودة ) حرصا على الحجاب؛ فأنزل الله تعالى آية الحجاب. ولا بعد في نزول الآية عند اجتماع هذه الأسباب كلها، والله تعالى أعلم.