حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر هذا نص على أن هذه الآية نزلت بسبب قول اليهود المذكور فيه. وفي كتاب nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أنها نزلت بسبب أن رجلا من المهاجرين تزوج أنصارية، فأراد أن يطأها شرحا على عادتهم في وطء نسائهم فأبت إلا على [ ص: 157 ] جنب على عادتهن، فاختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى: نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم [البقرة: 223] أي: مقبلات، ومدبرات، ومستلقيات؛ يعني بذلك موضع الولد.
قلت: هذان سببان مختلفان، لا بعد في نزول الآية جوابا للفريقين في وقت واحد، وتكرر نزول الآية في وقتين مختلفين، كما قد روي عن غير واحد من النقلة في الفاتحة: أنها تكرر نزولها بمكة والمدينة . وقد تمسك طائفة بعموم لفظ: أنى شئتم ورأوا أنها متناولة لقبل المرأة ودبرها. فأجازوا وطء المرأة في دبرها. وممن نسب إليه هذا القول nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، ونافع ، nindex.php?page=showalam&ids=12873وابن الماجشون من أصحابنا. وحكي عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في كتاب يسمى: "كتاب السر"، ونسب الكتاب إلى nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، وحذاق أصحابه ومشايخهم ينكرونه. وقد حكى nindex.php?page=showalam&ids=14757العتبي إباحة ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك . وأظنه من ذلك الكتاب المنكر نقل. وقد تواردت روايات أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عنه بإنكار ذلك القول وتكذيبه لمن نقل ذلك عنه. وقد حكينا نص ما نقل عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك من ذلك في جزء كتبناه في هذه المسألة سميناه: "إظهار إدبار من أجاز الوطء في الأدبار"، وذكرنا فيه غاية أدلة الفريقين، ومتمسكاتهم من الكتاب والسنة على طريقة التحقيق، والتحرير، والنقل، والتحبير. ومن وقف على ذلك قضى منه العجب العجاب، وعلم أنه لم يكتب مثله في هذا الباب. وجمهور السلف، والعلماء، وأئمة الفتوى على تحريم ذلك. ثم نقول: لا متمسك للمبيحين في الآية لأوجه متعددة؛ أقربها ثلاثة أمور:
[ ص: 158 ] أحدها: أنها نزلت جوابا لما ذكر، فيقتصر على نوع ما نزلت جوابا له، فإنهم سألوا عن جواز الوطء في الفرج من جهات متعددة، فأجيبوا بجوازه. و (أنى) على عمومها في جهات المسلك الواحد، لا في المسالك.
وثانيها: أن قوله تعالى: فأتوا حرثكم أنى شئتم تعيين للقبل؛ فإنه موضع الحرث، فإن الحرث إنما يكون في موضع البذر. وكذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=16472لابن وهب ، وعلي بن زياد لما أخبراه: أن ناسا بمصر يتحدثون عنه: أنه يجيز ذلك، فنفر من ذلك، وبادر إلى تكذيب الناقل. فقال: كذبوا علي، كذبوا علي، كذبوا علي، ثم قال: ألستم قوما عربا؟ ألم يقل الله تعالى: نساؤكم حرث لكم ؟ وهل يكون الحرث إلا في موضع المنبت؟ !
وثالثها: أنه لو سلم أن (أنى) شاملة للمسالك بحكم عمومها، فهي مخصصة بأحاديث صحيحة، ومشهورة، رواها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنا عشر صحابيا بمتون مختلفة، كلها متواردة على تحريم وطء النساء في الأدبار. ذكرها nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل في "مسنده"، nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود ، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي . وقد جمعها nindex.php?page=showalam&ids=11890أبو الفرج بن الجوزي بطرقها في جزء سماه: "تحريم المحل المكروه ". ومن أراد في هذه المسألة زيادة على ما ذكرناه فليطالع الجزء المذكور؛ الذي ألفناه.
و (قوله: مجبية وغير مجبية ) أي: على وجهها. وقد يقال: (مجبية) على ما إذا وضعت يديها على ركبتيها؛ حكاهما أبو عبيد .
و (قوله: غير أن ذلك في صمام واحد ) - بالصاد المهملة -؛ أي: في جحر [ ص: 159 ] واحد؛ يعني به: القبل. وأصل الصمام هو: ما تسد به القارورة.