(قول nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها: لو كان فلان حيا - لعمها من الرضاعة - دخل علي؟ ) نص في: أن هذا السؤال إنما كان بعد موت عمها، وهو يخالف قولها: إن عمها من الرضاعة يسمى: أفلح استأذن عليها . وهذا نص في أن سؤالها كان وهو حي، فاختلف المتأولون لذلك: هل هما عمان أو عم واحد؟ فقال أبو الحسن القابسي : هما عمان؛ أحدهما: أخو أبيها، nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر رضي الله عنه من الرضاعة، أرضعتهما امرأة واحدة. والثاني: أخو أبيها، أبي القعيس من [ ص: 177 ] الرضاعة. وقال ابن حازم : هما واحد. قال القاضي أبو الفضل : والأشبه قول أبي الحسن .
قلت: وتتميم ما قاله: أنهما عمان، وأن سؤالها للنبي صلى الله عليه وسلم كان مرتين في زمانين، وتكرر منها ذلك. إما لأنها نسيت القضية الأولى، فاستجدت سؤالا آخر، وإما لأنها جوزت تبدل الحكم. فسألت مرة أخرى، والله تعالى أعلم.
و (قوله صلى الله عليه وسلم: إن الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة ) وفي الأخرى: ( يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب ) دليل على جواز نقلهم بالمعنى، إن كانت القضية واحدة. ويحتمل أن يكون تكرر ذلك المعنى منه باللفظين المختلفين.
وقد صرح الرواة عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة برفع هذه الألفاظ للنبي صلى الله عليه وسلم فهي مسندة، مرفوعة، ولا يضرها وقف من وقفها على nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، كما جاء في الرواية الأخرى.
ويفيد هذا الحديث: أن الرضاع ينشر الحرمة بين الرضيع والمرضعة، وزوجها صاحب اللبن، أو سيدها ، فإذا أرضعت المرأة صبيا حرمت عليه؛ لأنها أمه، وأمها؛ [ ص: 178 ] لأنها جدته. وأختها؛ لأنها خالته، وبنتها لأنها أخته. وكذلك بنت صاحب اللبن؛ لأنها أخته، وأمه؛ لأنها جدته، وأخته لأنها عمته، وهكذا. غير أن التحريم لا يتعدى الرضيع إلى أحد من قرابته. فليس أخته من الرضاعة أختا لأخيه، ولا بنتا لأبيه، إذ لا رضاع بينهم.
وحكمة ما ذكرناه: أن الشرع اعتبر في التحريم ما ينفصل من أجزاء المرأة وهو اللبن، ويتصل بالرضيع، فيغتذي به، فتصير أجزاؤها أجزاءه، فينتشر التحريم بينهما. واعتبر في حق صاحب اللبن: أن وجود اللبن بسبب مائه، وغذائه. فأما قرابات الرضيع فليس بينهم ولا بين المرضعة، ولا زوجها نسب، ولا سبب. فتدبره.