وفي أخرى: لما أراد أن يخرج أخذت بثوبه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن شئت زدتك وحاسبتك به للبكر سبع، وللثيب ثلاث".
رواه مسلم (1460) (41) (42)، وأبو داود (2122).
(28) ومن باب المقام عند البكر والثيب
(قوله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=54لأم سلمة : إنه ليس بك على أهلك هوان ) الضمير في ( إنه ) للأمر، والشأن. و ( ليس بك ) أي: لا يتعلق بك، ولا يقع بك. و ( أهلك ): يريد به نفسه. وكل واحد من الزوجين أهل لصاحبه. و ( الهوان ): النقص، والاحتقار. وإنما قال لها ذلك حين أخذت بثيابه تستزيده من المقام عندها، فاستلطفها بهذا القول الحسن. ثم بعد ذلك بين لها وجه الحكم بقوله: ( للبكر سبع، وللثيب ثلاث ) وهذا تقعيد للقاعدة، وبيان لحكمها. وهو حجة للجمهور على nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة حيث [ ص: 203 ] يقول: لا يختص بذلك واحدة منهن، بل يقضي لسائر نسائه بمثل ذلك، تمسكا منه بمطلق الأمر بالعدل بينهن. ولا يتم له ذلك؛ لأنه مخصص بهذا الحديث وشبهه.
وقد يقال: إذا كان الحكم: أن للثيب ثلاثا، وللبكر سبعا؛ فكيف خيرها بين التسبيع والتثليث؟ ثم إن اختارت التسبيع سبع لنسائه، وسقط حقها من الثلاث.
ويجاب عن ذلك: بأن ظاهر قوله: ( للثيب ثلاث، وللبكر سبع ) أن ذلك حق للزوجة . وهو أحد القولين عند nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رحمه الله في هذا. فإذا رضيت بإسقاطه سقط، فكأنه عرض عليها: أنها إن اختارت السبع سقط حقها من الثلاث.
وقد اختلف؛ هل لغير النبي صلى الله عليه وسلم أن يسبع للثيب أم لا ؟ فذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك فيما ذكر عنه nindex.php?page=showalam&ids=12927ابن المواز : إلى أنه ليس له أن يسبع. وكأنه رأى أن ذلك كان من خصوصيات النبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ قد ظهرت خصوصياته في هذا الباب كثيرا.
وقال ابن القصار : إذا سبع للثيب سبع لسائر نسائه؛ أخذا بظاهر هذا الحديث. ولا يدل عنده على سقوط الثلاث لها. وكأنه تمسك بالرواية التي قال لها فيها: ( إن شئت زدتك وحاسبتك ) وكل هذا منه صلى الله عليه وسلم عمل بالعدل بين أزواجه، ومراعاة له.
وهل كان ذلك منه - أعني القسم - على جهة الوجوب، كما هو على غيره بالاتفاق، أو هو مندوب إلى ذلك، لكنه أخذ نفسه بذلك رغبة في تحصيل الثواب، وتطييبا لقلوبهن، وتحسينا للعشرة على مقتضى خلقه الكريم، وليقتدى به في ذلك؟ قولان لأهل العلم.
مستند القول بالوجوب: التمسك بعموم القاعدة الكلية في وجوب العدل [ ص: 204 ] بينهن، وبقوله: (اللهم هذه قسمتي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك، ولا أملك) يعني: الحب، والبغض.