و (قوله: وجأت عنقها ) أي: طعنت فيه ودققت. وأصل الوجء: الدق، والطعن؛ يقال: وجأت البعير: إذا طعنت في منحره. ووجأت الوتد: ضربته. ووجأته بالسكين: طعنته بها.
وهذا الفعل من nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر بابنتيهما مبالغة في تأديبهما، وكذلك غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهن، وهجرانه لهن إنما كان مبالغة في أدبهن، فإنهن كن كثرن عليه، وتبسطن عليه تبسطا تعدين فيه ما يليق بالنبي صلى الله عليه وسلم من احترامه، وإعظامه. وكان ذلك منهن بسبب حسن معاشرته، ولين خلقه، وربما امتدت أعين [ ص: 256 ] بعضهن إلى شيء من متاع الدنيا. ولذلك أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بأن يخيرهن بين إرادة زينة الدنيا، وإرادة الله تعالى، وما عنده، فاخترن الله ورسوله، والدار الآخرة. ولم يكن فيهن من توقف في شيء من ذلك، ولا تردد فيه، لأنهن مختارات لمختار، وطيبات لطيب، سلام الله تعالى عليهم أجمعين.
و (قوله في هذه الرواية: اعتزلهن شهرا، أو تسعا وعشرين ) ظاهره شك من الراوي، وسيأتي حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أنه إنما اعتزلهن تسعا وعشرين، وهو الصحيح.
وقول nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة للنبي صلى الله عليه وسلم: لا تخبر امرأة من نسائك بالذي قلت ) هو قول أخرجته غيرتها، وحرصها على انفرادها بالنبي صلى الله عليه وسلم.
و (قوله لها: ( إن الله لم يبعثني معنتا، ولا متعنتا، ولكن بعثني معلما، وميسرا ) أصل العنت: المشقة. والمعنت: هو الذي يوقع العنت بغيره. والمتعنت: هو الذي يحمل غيره على العمل بها. ويحتمل أن يقال: المعنت: هو [ ص: 257 ] المجبول على ذلك. والمتعنت: هو الذي يتعاطى ذلك وإن لم يكن في جبلته.
وكأن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها توقعت: أنه إذا لم يخبر أحدا من زوجاته يكون فيهن من يختار الدنيا، فيفارقها النبي صلى الله عليه وسلم وأنهن إذا سمعن باختيارها هي له اقتدين بها فيخترنه، وكذلك فعلن.
ووقع للنبي صلى الله عليه وسلم: أنه إن سألته واحدة منهن عن فعل nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة فلم يخبرها كان ذلك نوعا من العنت، وإدخال الضرر عليهن بسبب إخفاء ما يسأل عنه، فقال مجيبا: (إن الله لم يبعثني معنتا، ولكن بعثني معلما ميسرا). ووجه التيسير في هذا: أنه إذا أخبر بذلك اقتدى بها غيرها من أزواجه، وسهل عليها اختيار الله ورسوله، والدار الآخرة.