المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم

أبو العباس القرطبي - ضياء الدين أحمد بن عمر القرطبي

صفحة جزء
259 (58) باب

هل رأى محمد - صلى الله عليه وسلم - ربه ؟

[ 138 ] عن مسروق ; قال : كنت متكئا عند عائشة ، فقالت : يا أبا عائشة! ثلاث من تكلم بواحدة منهن فقد أعظم على الله الفرية . قلت : ما هن ؟ قالت : من زعم أن محمدا رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية . قال : وكنت متكئا فجلست ، فقلت : يا أم المؤمنين ! أنظريني ولا تعجليني . ألم يقل الله عز وجل : ولقد رآه بالأفق المبين [ التكوير : 23 ] ، ولقد رآه نزلة أخرى [ النجم : 13 ] . فقالت : أنا أول هذه الأمة سأل عن ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : إنما هو جبريل ، لم أره على صورته التي خلق عليها غير هاتين المرتين ، رأيته منهبطا من السماء ، سادا عظم خلقه ما بين السماء والأرض . فقالت : أولم تسمع أن الله - عز وجل - يقول : لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير [ الأنعام : 103 ] . أولم تسمع أن الله يقول : وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا إلى قوله : علي حكيم [ الشورى : 51 ] ؟ قالت : ومن زعم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتم شيئا من كتاب الله فقد أعظم على الله الفرية ، والله يقول : يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته [ المائدة : 67 ] . قالت : ومن زعم أنه يخبر بما يكون في غد فقد أعظم على الله الفرية . والله يقول : قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله [ النحل : 65 ] .

وزاد في رواية ، قالت : ولو كان محمد - صلى الله عليه وسلم - كاتما شيئا مما أنزل الله عليه لكتم هذه الآية : وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه [ الأحزاب : 37 ] .

رواه البخاري ( 4855 ) ، ومسلم ( 177 ) ، والترمذي ( 3070 ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية