(قوله: عن فاطمة بنت قيس : أن أبا عمرو بن حفص ) هكذا رواية أكثر الأئمة الحفاظ: nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وغيره. وقد قلبه شيبان ، وأبان العطار ، عن يحيى بن أبي كثير ؛ فقال: إن أبا حفص بن عمرو . والمحفوظ الأول. واسمه: nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ؛ على ما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي عن nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي . قال القاضي : والأشهر: عبد الحميد . وقيل: اسمه كنيته، ولا يعرف في الصحابة من اسمه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد سواه.
و (قوله: طلقها البتة ) هذا هو الصحيح: أنه طلقها عند جميع الحفاظ.
[ ص: 267 ] وسيأتي في حديث الجساسة لفظ يوهم: أنه مات عنها. وله تأويل يأتي في موضعه إن شاء الله تعالى، ويعني بالبتة: آخر الثلاث تطليقات، كما جاء مفسرا في الرواية الأخرى. لا أنه أوقع عليها لفظ البتة، وإنما سمى آخر الثلاث: البتة؛ لأنها طلقة تبت العصمة، ولا تبقي منها شيئا. ولما كملت بهذه الطلقة الثلاث عبر عنها بعض الرواة بالثلاث. والرواية المفصلة قاضية على غيرها، وهي الصحيحة.
و (قوله: فأرسل إليها وكيله بشعير، فسخطته ) كان صوابه أن يقول: وكيليه؛ لأنهما nindex.php?page=showalam&ids=14062الحارث بن هشام ، وعياش بن ربيعة ؛ كما جاء مفسرا في الرواية الأخرى.
وفيه دليل على العمل بالوكالة، وشهرتها عندهم. وكأن إرساله بهذا الشعير كان منه متعة، فحسبته هي نفقة واجبة عليه، ولذلك سخطته، ورأت: أنها تستحق عليه أكثر من ذلك وأطيب. فحين تحقق الوكيلان منها ذلك؛ أخبراها بالحكم، فلم تقبل منهما حتى أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها: ( لا نفقة لك ) على ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، وأكثر الرواة من حديث nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن فاطمة ، وعلى ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16523عبيد الله بن عتبة . ولم يذكروا فيها قوله: (ولا سكنى) على أنها رواية مرسلة على ما قاله أبو مسعود .
ولم يرو nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، ولا أكثر الأئمة هذه اللفظة في السكنى، وإنما هي من رواية أبي حازم عن أبي سلمة . ومن رواية nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي عن فاطمة . وهي التي أنكرها عليه nindex.php?page=showalam&ids=13705الأسود .
ولأجل اختلاف هذه الطرق، واختلافهم في تأويل قوله تعالى: لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن [الطلاق: 1] اختلفوا في المطلقة البائن، فقال بعضهم: لها السكنى، والنفقة. وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة [ ص: 268 ] - رحمه الله - ولم يعرجا على حديث فاطمة هذا. ولذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه: (لا ندع كتاب ربنا لقول امرأة) يعني بذلك: قوله تعالى: لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن ولأنها محبوسة بسبب المطلق، فنفقتها عليه، وكذلك سكناها. وقال آخرون: لا سكنى لها، ولا نفقة. وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد متمسكين بانقطاع أسباب الزوجية بينهما، ولقوله: (لا سكنى لك ولا نفقة).
وقال آخرون: لها السكنى ولا نفقة. وهو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك متمسكا في إسقاط النفقة بما رواه من قوله صلى الله عليه وسلم: ( لا نفقة لك ). وفي إثبات السكنى بقوله تعالى: لا تخرجوهن من بيوتهن... الآية.
وأما المطلقة الرجعية فلا خلاف في وجوب النفقة والسكنى لها. وأما المتوفى عنها زوجها، فلا خلاف في أنها لا تجب لها نفقة؛ لأن ماله قد انتقل لورثته. واختلفوا في السكنى، فقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : لا سكنى لها، إلا أن تكون رقبة الدار، ومنفعتها ملكا للميت، فهي أحق بالسكنى طول عدتها من ورثته. وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة وغيره: لا سكنى لها جملة بغير تفصيل. وعن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك قولة شاذة نحو هذا. وإليها أشار القاضي أبو الحسن بن القصار ، وقال: هو القياس كالنفقة.
و (قولها: فأمرها أن تعتد في بيت nindex.php?page=showalam&ids=11598أم شريك ) لا خلاف في أن كل زوجة مدخول بها طلقها زوجها يجب عليها العدة، ثم هي - أعني: العدة - منقسمة بحسب أحوالهن: فالحامل عدتها وضع حملها. والحائل إن كانت حرة: ثلاثة أقراء. وإن لم تكن من ذوات الأقراء: فثلاثة أشهر. وأما الأمة: فقرءان، أو شهران، ويجري الفسخ بغير طلاق مجرى الطلاق.
وأما المتوفى عنها زوجها: فالحرة تعتد أربعة أشهر وعشرا. والأمة: شهران [ ص: 269 ] وخمس ليال عندنا، وسيأتي بعض ذلك. وتفصيله في كتب الفقه.
وأم شريك اسمها: غزية . وقيل: غزيلة . وهي قرشية عامرية. وقد ذكرها بعضهم في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم. وقيل: فيها: إنها أنصارية، على ما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في حديث الجساسة، وسيأتي. وكانت كثيرة المعروف، والنفقة في سبيل الله تعالى، والتضييف للغرباء من المهاجرين وغيرهم. ولذلك قال: (تلك امرأة يغشاها أصحابي رضي الله عنها).
وإنما أذن النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة أن تخرج من البيت الذي طلقت فيه؛ لما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في الرواية الأخرى من أنها خافت على نفسها من عورة منزلها.
وفيه دليل: على أن المعتدة تنتقل لأجل الضرر. وهذا أولى من قول من قال: إنها كانت لسنة تؤذي زوجها وأحماءها بلسانها؛ فإن هذه الصفة لا تليق بمن اختارها رسول الله صلى الله عليه وسلم لحبه ابن حبه. وتواردت رغبات الصحابة عليها حين انقضت عدتها، ولو كانت على مثل تلك الحال لكان ينبغي ألا يرغب فيها، ولا يحرص عليها. أيضا: فلم يثبت بذلك نقل مسند صحيح. وإنما الذي تمسك به في ذلك قول nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة : ما لفاطمة خير أن تذكر هذا.
وقول nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : (لا ندع كتاب الله لقول امرأة لا نعلم حفظت أو نسيت). وقول بعضهم: تلك امرأة فتنت الناس. وليس في شيء من ذلك دليل على ذلك. ويا للعجب ! كيف يجترئ ذو دين أن يقدم على غيبة مثل هذه الصحابية؛ [ ص: 270 ] التي اختارها النبي صلى الله عليه وسلم لحبه ابن حبه، لسبب خبر لم يثبت. وأعجب من ذلك قول بعض المفسرين في قوله تعالى: ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة إنها نزلت في فاطمة ؛ لأنها كانت فيها بذاذة لسان، وأذى للأحماء. وهذا لم يثبت فيه نقل، ولا يدل عليه نظر. فذكر ذلك عنها، ونسبته إليها غيبة، أو بهتان.
وأحسن ما قيل في التفسير؛ قول nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما: إن الفاحشة: الزنا. فيخرجن لإقامة الحد عليهن؛ وتعليله منع اعتدادها في بيت nindex.php?page=showalam&ids=11598أم شريك بدخول أصحابه؛ دليل على أن المرأة ممنوعة من التعرض لموضع يشق عليها فيه التحرز من أن يطلع منها على ما لا يجوز.
و (قوله: اعتدي عند ابن أم مكتوم ) وفي رواية في "الأم": (عند ابن عمك nindex.php?page=showalam&ids=100عمرو بن أم مكتوم ) وكذلك جاء في آخر الكتاب. وزاد: (رجل من بني فهر ، من البطن الذي هي منه. والمعروف خلاف هذا، وليسا من بطن واحد. هي من بني محارب بن فهر . وهو من بني عامر بن لؤي .
واختلفوا في اسم nindex.php?page=showalam&ids=100ابن أم مكتوم . فقيل: عمرو ، كما ذكر. وقيل: عبد الله . وكذا ذكره في "الموطأ"، وفي آخر الكتاب. والخلاف في ذلك كثير، قاله القاضي أبو الفضل عياض .
[ ص: 271 ] أحدهما: أن هذا الحديث لا يصح عند أهل النقل؛ لأن راويه عن nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة نبهان مولاها. وهو ممن لا يحتج بحديثه.
وثانيهما: - على تقدير صحته - فذلك تغليظ منه صلى الله عليه وسلم على أزواجه لحرمتهن، كما غلظ عليهن أمر الحجاب. ولهذا أشار nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود ، وغيره من الأئمة.
و (قوله: فإذا حللت فآذنيني ) أي: إذا انقضت عدتك. و (آذنيني): أعلميني. وفي لفظ آخر: (فلا تبدئيني بنفسك) وكل ذلك بمعنى واحد؛ أي: لا تزوجي نفسك حتى تعرفيني. وفيه التعريض في العدة.
و (قولها: فلما حللت ذكرت له: أن nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية ، وأبا جهم خطباني ) فيه دليل على جواز الخطبة على خطبة الغير، لكن ما لم يقع التراكن؛ على ما قدمناه.
و (قوله: أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه) المعروف: أبو جهم على التكبير، وقد صغره بعضهم، وهو: أبو جهم بن حذيفة القرشي، العدوي . وهو صاحب الأنبجانية. وقد غلط فيه يحيى بن يحيى الأندلسي فقال: أبو جهم بن هشام ، ولا يعرف في الصحابة من اسمه: أبو جهم بن هشام [ ص: 272 ] ولم يوافقه أحد من رواة "الموطأ" على ذلك.
واختلف في معنى قوله: (لا يضع عصاه عن عاتقه) فقيل: معناه: أنه ضراب للنساء، كما جاء مفسرا في الرواية الأخرى. وفي أخرى: (فيه شدة على النساء). وقيل: المراد به: أنه كثير الأسفار. وقد جاء أيضا في بعض رواياته في غير كتاب nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ما يدل على ذلك. غير أن التأويل الأول أحسن وأصح.
و (قوله: وأما nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية : فصعلوك لا مال له ) هذا تفسير للرواية التي وقع فيها: ترب. وقد تقدم: أنه يقال: ترب الرجل: إذا افتقر. وأترب: إذا استغنى.
وفيه ما يدل على أن ذكر مساوئ الخاطب ، أو من يعامل، أو من يحتاج إلى قبول قوله، أو فتياه جائز. ولا يعد ذلك غيبة، ولا بهتانا؛ إذ لا يذكر ذلك على جهة التنقيص وإضافة العيب إليه، لكن على جهة التعريف، وأداء النصيحة، وأداء الأمانة، كما فعله أهل الحديث وغيرهم.
وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني عن حنظلة بن أبي سفيان الجمحي عن أمه قالت: رأيت أخت nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف تحت nindex.php?page=showalam&ids=115بلال .