إنما لم يجز بيع الولاء، ولا هبته؛ للنهي عن ذلك، ولأنه أمر وجودي لا يتأتى الانفكاك عنه كالنسب. ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: nindex.php?page=hadith&LINKID=936269 (الولاء لحمة كلحمة النسب) فكما لا تنتقل الأبوة والجدودة، كذلك لا ينتقل الولاء. وقد بينا وجه ذلك ومناسبته، غير أنه يصح في الولاء جر ما يترتب عليه الميراث. ومثاله: أن يتزوج عبد معتقته، فيولد له منها ولد، فيكون حرا بحرية أمه، ويكون ولاؤه لمواليها ما دام أبوه عبدا، فلو أعتقه سيده عاد ولاؤه لمعتق أبيه بالاتفاق كما ذكرناه.
وللولاء أحكام خاصة ثبتت بالسنة:
منها: أنه لا يرث به إلا العصبات الذكور، ولا مدخل للنساء فيه إلا فيما أعتقن أو أعتق من أعتقن.
ومنها: أنه لا يورث إلا بالكبر. فلا يستحق البطن الثاني منه شيئا ما بقي من البطن الأول شيء. وتفصيل ذلك في الفروع. وقد حكي عن بعض السلف: أن الولاء ينتقل. ولعله إنما يعني به: الجر. والله تعالى أعلم.
[ ص: 340 ] و (قوله: كتب على كل بطن عقوله) أي: أثبت، وأوجب.
والبطن: دون القبيلة، والفخذ: دون البطن. والعقول: يعني بها: الديات. وذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة ، واستقر أمره فيها آخى بين المهاجرين والأنصار ، وصالح من كان فيها من اليهود ، وميز القبائل بعضها من بعض، وضم البطون بعضها إلى بعض فيما ينوبهم من الحقوق والغرامات، وكان بينهم دماء وديات بسبب الحروب العظيمة التي كانت بينهم قبل الإسلام، فرفع الله تعالى كل ذلك عنهم، وألف بين قلوبهم ببركة الإسلام، وبركة النبي صلى الله عليه وسلم حتى صاروا كما قال تعالى: واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا الآية.