رواه أحمد ( 2 \ 4 )، والبخاري (2109)، ومسلم (1531) (43)، وأبو داود (3455)، والترمذي (1245)، والنسائي ( 7 \ 249 ).
(6) ومن باب بيع الخيار
قد تقدم القول على أصل الخيار في الباب قبل هذا. و ( البيعان ) تثنية (بيع) وهو يقال على البائع وعلى المشتري. كما يقال كل واحد منهما على الآخر. وهو اسم فاعل من: باع. كما يقال: تيق، من: تاق، وميق من: ماق.
و ( قوله: كل واحد منهما بالخيار على صاحبه ما لم يتفرقا ) وفي الرواية الأخرى: ( وكانا جميعا ) ظاهر ألفاظ هذا الحديث وإن كثرت متواردة على ثبوت خيار المجلس لكل واحد من المتبايعين. وإن التفرق المذكور فيه؛ إنما هو بالأبدان. وإليه ذهب كثير من الصحابة والتابعين، nindex.php?page=showalam&ids=15990كسعيد بن المسيب ، nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري ، nindex.php?page=showalam&ids=12493وابن أبي ذئب ، nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=16008وسفيان بن عيينة ، nindex.php?page=showalam&ids=16418وابن المبارك ، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، وأهل الظاهر. وذهبت طائفة من أصحابنا وغيرهم: إلى أنه محمول على ظاهره، لكن على جهة الندب، لا على الوجوب. وترك العمل به nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=15885وربيعة ، nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة ، nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد بن الحسن ، nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي [ ص: 382 ] في أحد قوليهما. ورأوا: أن التفرق إذا حصل بالأقوال وجب البيع، ولا خيار إلا إن اشترط.
والذي لأجله ترك nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك العمل بظاهر الحديث: ما نص عليه في "الموطأ" لما ذكر هذا الحديث، ثم قال: وليس لهذا عندنا حد معروف، ولا أمر معمول به. وظاهر هذا: أن أهل المدينة اتفقوا على ترك العمل به. وليس ذلك الظاهر بصحيح؛ لأن nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري nindex.php?page=showalam&ids=12493وابن أبي ذئب من أهل المدينة وقد قالوا به، وقد أنكره nindex.php?page=showalam&ids=12493ابن أبي ذئب على nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك . وقد اعتذر أصحابنا عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بأعذار كثيرة أجمعها: ما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12815القاضي أبو بكر بن العربي فقال على قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : ليس لهذا عندنا حد معروف؛ يريد: أن فرقتهما ليس لها وقت معلوم. وهذه جهالة وقف البيع عليها، فيكون كبيع الملامسة، والمنابذة. وكبيع على خيار إلى أجل مجهول. وما كان كذلك فهو فاسد قطعا، ولا يعارض هذا الأصل بظاهر لم يتحصل المراد منه مفهوما؛ إذ تفسير nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ليس بحجة، ولهذا عدل عن ظاهره الفقهاء السبعة، وغيرهم من السلف. وأولوه على أنه قد روي في بعض طرقه: ما لم [ ص: 383 ] يتفرقا، إلا أن تكون صفقة خيار، ولا يحل له أن يفارقه خشية أن يستقيله. رواه nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث عن ابن عجلان ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب ، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره. فظاهر هذه الزيادة مخالف لظاهر أول الحديث، فإن تأول من أخذ بظاهر الحديث لفظ الاستقالة: باختيار الفسخ تأولنا لفظ الخيار باختيار الاستقالة، فإذا تقابل التأويلان وقف الحديث. والقياس في جانبنا.
قلت: وهذا كلام وجيز في لفظه، جامع في معناه لكل ما يتمسك به متمسك من المالكيين، وممن هو على مذهبهم. فلنقتصر عليه. والله الموفق.
و (قوله صلى الله عليه وسلم: ( إلا بيع الخيار ) معناه على مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : أن خيار المجلس لا أثر له مع وجود خيار الشرط، فلو تفرقا مع اشتراط خيار الثلاث لم يجب البيع بنفس التفرق، بل بمضي مدة الخيار المشترط، ويكون هذا الاستثناء من قوله: ( لا بيع بينهما ) وهو استثناء موجب من منفي. فكأنه قال: كل بيعين فلا حكم لبيعهما ما داما في مجلسهما إلا بيع الخيار المشترط، فحكمه باق إلى مدته، [ ص: 384 ] وإن افترقا بالأبدان. ويمكن تنزيله على مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك على هذا النحو، غير أن التفرق يحمل على التفرق بالأقوال، ويكون البيعان بمعنى المتساومين. غير أن الاستثناء يكون منقطعا؛ لأن المتبايعين بالخيار الشرطي ليسا متساومين، بل متعاقدين، فيكون تقديره: لكن بيع الخيار يلزم حكمه بانقضاء مدته. والله تعالى أعلم. وقد تقدم القول في بيع الخيار وفي مدته.