و (قوله: كان لرجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم دين، فأغلظ له ) هذا الرجل كان من اليهود ، فإنهم كانوا أكثر من يعامل بالدين. وحكي: أن القول الذي قاله، إنما هو: إنكم يا بني عبد المطلب مطل. وكذب اليهودي؛ لم يكن هذا معروفا من أجداد النبي صلى الله عليه وسلم ولا أعمامه. بل المعروف منهم: الكرم، والوفاء، والسخاء. وبعيد أن يكون هذا القائل مسلما؛ إذ مقابلة النبي صلى الله عليه وسلم بذلك أذى للنبي صلى الله عليه وسلم وأذاه كفر.
و (قوله: فهم به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ) أي: بأخذه ليقام عليه الحكم.
و (قوله لأصحابه: دعوه ) دليل: على حسن خلقه، وحلمه، وقوة صبره على الجفاء مع القدرة على الانتقام.
و (قوله صلى الله عليه وسلم: إن لصاحب الحق مقالا ) يعني به: صولة الطلب، وقوة الحجة، لكن على من يمطل، أو يسيء المعاملة. وأما من أنصف من نفسه: فبذل [ ص: 510 ] ما عنده، واعتذر عما ليس عنده، فيقبل عذره، ولا تجوز الاستطالة عليه، ولا كهره.
و (قوله: اشتروا له سنا فأعطوه إياه ) دليل على أن هذا الحديث قضية أخرى غير قضية حديث nindex.php?page=showalam&ids=96أبي رافع . فإن ذلك الحديث يقتضي: أنه أعطاه من إبل الصدقة، وهذا اشتري له.
وفيه دليل: على صحة الوكالة في القضاء.
وفيه: جواز الزيادة فيه. وقد تقدم تفصيله، وذكر الخلاف فيه.
و (قوله: خيركم أحسنكم قضاء ) هذا هو اللفظ الفصيح الحسن. وقد روي: (أحاسنكم) وهو جمع: أحسن. ذهبوا به مذهب الأسماء، كأحمد ، وأحامد . وقد وقع في "الأم" في بعض طرقه: (محاسنكم) بالميم، وكأنه جمع: محسن، كمطلع ومطالع. وفيه بعد. وأحسنها الأول، والله تعالى أعلم.