(قوله: إن أبي مات وترك مالا، ولم يوص فيه. فهل يكفر عنه أن أتصدق عنه؟ قال: نعم ) ظاهر قوله: (فهل يكفر عنه أن أتصدق عنه ): أنه علم أن أباه كان فرط في صدقات واجبة، فسأل: هل يجزئ عنه أن يقوم بها عنه؛ فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم: ب ( نعم ). وعلى هذا فيكون فيه دليل على أن من قام عن آخر بواجب مالي في الحياة، أو بعد الموت أجزأ عنه، وهذا مما تجوز النيابة فيه بالإجماع، وإنه مما يستحب، وخصوصا في الآباء؛ فإنها مبالغة في برهم، والقيام بحقوقهم. وقد قال صلى الله عليه وسلم: nindex.php?page=hadith&LINKID=673971 (من مات وعليه صيام صام عنه وليه إن شاء) وقد تقدم في كتاب الصوم. وإذا كان هذا في الصيام؛ كان الحق المالي بذلك أولى. وقيل: إنما سأل: هل تكفر بذلك خطاياه؟ ولا ينبغي أن يظن بصحابي تفريط في زكاة واجبة إلى أن مات. فإن هذا بعيد في حقوقهم. فالأولى به أن يحمل على أنه سأل: هل لأبيه أجر بذلك فيكفر عنه به، كما قال السائل الآخر في حق أمه: أفلها أجر؟ ويحتمل أن يكون ذلك في الوقت الذي كانت فيه الوصية واجبة.
[ ص: 553 ] قلت: وهذا محتمل لا سبيل إلى دفعه.
وعلى القول الأول: فإذا علم الوارث أن مورثه فرط في زكوات، أو واجبات مالية، فقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : واجب على الوارث إخراج ذلك من رأس المال، كالدين. وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : إن أوصى بذلك أخرج من الثلث. وإلا فلا. وقال بعض أصحابه: إذا علم أنه لم يخرج الزكاة؛ أخرجت من رأس المال؛ وصى بها، أو لم يوص، قاله nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب . وهو الصحيح؛ لأن ذلك دين الله. وقد قال صلى الله عليه وسلم: nindex.php?page=hadith&LINKID=856299 (دين الله أحق بالقضاء) أو نقول: هو من جملة ديون الآدميين؛ لأنه حق الفقراء، وهم موجودون، وليس للوارث حق إلا بعد إخراج الدين والوصايا.