سؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن الميت " هل عليه دين أو لا ؟ " وامتناعه من الصلاة على من مات وعليه دين ولم يترك وفاء إشعار بصعوبة أمر الدين وأنه لا ينبغي أن يتحمله الإنسان إلا من ضرورة، وأنه إذا أخذه فلا ينبغي أن يتراخى في أدائه إذا تمكن منه، وذلك لما قدمناه من أن الدين شين، الدين هم بالليل ومذلة بالنهار، وإخافة للنفوس، بل وإرقاق لها. وكان هذا من النبي صلى الله عليه وسلم ليرتدع من يتساهل في [ ص: 575 ] أخذ الدين حتى لا تتشوش أوقاتهم عند المطالبة، وكان هذا كله في أول الإسلام. وقد حكي أن الحر كان يباع في الدين في ذلك الوقت، كما قد رواه nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار من حديث رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له سرق ، ثم نسخ ذلك كله بقوله تعالى: وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة [البقرة: 280] وقيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان يمتنع من الصلاة على من ادان دينا غير جائز أو في سعة. والأول أظهر؛ لقول الراوي في الحديث: فلما فتح الله عليه الفتوح قال: " أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، من توفي وعليه دين فعلي قضاؤه، ومن ترك مالا فلورثته " - فهذا يعم الديون كلها، ولو افترق الحال لتعين التنويع أو السؤال. ويحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم تبرع بالتزام ذلك على مقتضى كرم أخلاقه، لا أنه أمر واجب عليه.