رواه البخاري (7555)، ومسلم (1649) (9 و 7)، وأبو داود (3276)، والنسائي ( 7 \ 9 ).
(6) ومن باب من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليكفر
(قوله: إن nindex.php?page=showalam&ids=110أبا موسى دعا بمائدته وعليها لحم دجاج ) يدل على أن أكل الطيبات على الموائد جائز معمول به عندهم. وأن ذلك لا يناقض الزهد، ولا ينقصه خلافا لبعض متقشفة المتزهدة.
وقول الرجل: ( رأيته يأكل شيئا فقذرته ) يعني به: أنه رأى الدجاج يأكل نجاسة فاستقذره، فحلف ألا يأكله لذلك. وظاهر قول هذا الرجل؛ أنه كان يكره أكل ما يأكل النجاسات من الحيوانات. وقد اختلف في ذلك. فكرهه قوم، فكان nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر لا يأكل الدجاجة حتى يقصرها أياما. ومثل ذلك روي عن ابن القاسم في الجدي الذي ارتضع على خنزيرة: إنه لا يذبح حتى يذهب ما في بطنه. وكره الكوفيون أكل لحوم الجلالة ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : إن كان أكلها أو غالبه النجاسة، فإن كان غالبه الطهارة لم يكرهه. وأجاز nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أكل لحوم الإبل الجلالة، وأكل ما يأكل الجيف من الطير وغيره لبعد الاستحالة.
[ ص: 628 ] قلت: وهذا محمول على ما إذا ذهب ما في بطونها من ذلك، كما حكيناه عن ابن القاسم ؛ لأن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا قد قال في روث ما يأكل النجاسة وبوله: أنه نجس، بخلاف أصله في أن الأبوال تابعة للحوم.
وكره nindex.php?page=showalam&ids=13055ابن حبيب من أصحابنا أكل ما يأكل النجاسات مطلقا.
قلت: وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل الجلالة وألبانها. وهو حجة nindex.php?page=showalam&ids=13055لابن حبيب ؛ لولا أنه من رواية محمد بن إسحاق .
و (قوله: فتلكأ ) أي: تثاقل، وتأخر. و (نستحمله) أي: نسأله أن يحملنا؛ أي: يعطينا ما نتحمل عليه وبه، و (نهب إبل) أي: غنيمتها. والنهب: الغنيمة. وكان nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر رضي الله عنه إذا أوتر من أول الليل قال: أحرزت نهبي؛ أي: غنيمتي. وقد تقدم الكلام في الذود في كتاب الزكاة.
و (قوله: غر الذرى ) غر: جمع أغر. وأصله: الذي في جبهته بياض من الخيل. و (الذرى): جمع ذروة، وهي: من كل شيء أعلاه. والمراد ب (غر الذرى): أن تلك الإبل كانت بيض الأسنمة. وقد روي: (بقع الذرى) أي: فيها لمع بيض وسود. ومنه قيل: الغراب الأبقع، والشاة البقعاء: إذا كانا كذلك.
و (قوله: أغفلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يمينه ) أي: وجدناه غافلا عنها. كما تقول العرب: أحمدت الرجل: وجدته محمودا. وأذممته: وجدته مذموما. فكأنه قال: [ ص: 629 ] وجدناه غافلا عنها، فاغتنمنا غفلته، فأخذنا منه في حال غفلته.
و (قوله: لا يبارك لنا ) أي: فيما أعطانا إن سكتنا عن ذلك ولم نعرفه. وفيه من الفقه ما يدل على جواز اليمين عند التبرم، وجواز رد السائل المثقل عند تعذر الإسعاف، وتأديبه بنوع من الإغلاظ بالقول. وذلك: أنهم سألوه في حال تحقق فيها: أنه لم يكن عنده شيء فأدبهم بذلك القول، ثم: إنه صلى الله عليه وسلم بقي مترقبا لما يسعف به طلبتهم، ويجبر به انكسارهم، فلما يسر الله تعالى ذلك عليه أعطاهم، وجبرهم على مقتضى كرم خلقه.
و (قوله: إني والله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها )، وفي الرواية الأخرى: ( إلا كفرت عن يميني، وأتيت الذي هو خير ) اختلاف هاتين الروايتين أوجب اختلاف العلماء في الكفارة قبل الحنث هل تجزئ أم لا؟ على ثلاثة أقوال: جوازها مطلقا. وهو مذهب أربعة عشر من الصحابة، وجمهور الفقهاء. وهو مشهور مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك . وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة وأصحابه: لا تجزئ بوجه. وهي رواية nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب عن nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : تجزئ بالإطعام، والعتق، والكسوة. ولا تجزئ بالصوم. وقد ذكر أصحابنا للخلاف في هذه المسألة سببا آخر. وهو اختلافهم في اليمين. هل هو جزء السبب، والحنث الجزء الآخر؟ أم ليس كذلك؟ بل وجود اليمين هو السبب فقط، والحنث شرط وجوب الكفارة. وبسط هذا في مسائل الخلاف.
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في بعض طرق حديث nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى الأشعري المردفة. حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16131شيبان بن فروخ ، حدثنا الصعق [ ص: 630 ] ابن حزن - بكسر العين - من الصعق، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17096مطر الوراق ، حدثنا زهدم الجرمي . وهذا سند فيه نظر. وذلك أن nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني استدركه على nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ؛ فقال: ابن الصعق ، ومطر ليسا بالقويين، ولم يسمع مطر من زهدم .
قلت : وهذا لا عتب على nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم فيه، ولا نقص يلحق كتابه بسبب ذلك؛ لأنه قد أخرج الحديث من طرق كثيرة صحيحة، ثم أردف هذا السند بعد تلك الطرق الصحيحة المتصلة، ولذلك قال فيه: عن زهدم قال: دخلت على nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى ، وهو يأكل لحم دجاج ، وساق الحديث بنحو حديثهم، وزاد فيه: قال: إني والله ما نسيت. فذكره مردفا لأجل هذه اللفظة الزائدة، ثم هذا على ما شرطه في أول كتابه؛ حيث قسم الأسانيد إلى ثلاثة أقسام، وثلاث طبقات. فهذا السند من الطبقة الأخيرة؛ التي هي دون من قبلها، وفيها مغمز بوجه ما. وهذا يدل على أنه أدخل الثلاث الطبقات في كتابه خلافا لمن زعم: أنه لم يدخل فيه من الطبقة الثالثة أحدا. وذكر nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بعد هذا السند: ضريب بن نقير عن زهدم .
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض : ضريب بن نقير : مصغران، ونفير هذا بالقاف أشهر. وهي رواية الصدفي ، والأسدي ، والتميمي من أشياخنا. وكذا قيدناه عنهم. وكان nindex.php?page=showalam&ids=14222الخشني قيده بالفاء. وقال الحافظ أبو علي : يقال بهما، والقاف أشهر. وأما nindex.php?page=showalam&ids=15622جبير بن نفير : فلم يختلف أنه بالفاء.
وقول nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى : ( وافقته وهو غضبان ) وحلفه في تلك الحال يدل [ ص: 631 ] nindex.php?page=showalam&ids=16867لمالك : على صحة قوله بلزوم حكم اليمين الواقعة في حال الغضب. وهو له حجة على nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي حيث قال: إنها لا تلزم، كما تقدم. ويدل أيضا على قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك حديث nindex.php?page=showalam&ids=76عدي بن حاتم المذكور.