(قوله - عليه الصلاة والسلام - : " بني الإسلام على خمس ") يعني : أن هذه الخمس أساس دين الإسلام ، وقواعده عليها تنبني ، وبها تقوم ، وإنما خص هذه بالذكر ولم يذكر معها الجهاد ، مع أنه به ظهر الدين ، وانقمع به عتاة الكافرين ; لأن هذه الخمس فرض دائم على الأعيان ، ولا تسقط عمن اتصف بشروط ذلك ، والجهاد من فروض الكفايات ، وقد يسقط في بعض الأوقات ، بل وقد صار جماعة [ ص: 169 ] كثيرة إلى : أن فرض الجهاد قد سقط بعد فتح مكة ، وذكر أنه مذهب nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين ، ونحوه nindex.php?page=showalam&ids=15968لسحنون من أصحابنا ، إلا أن ينزل العدو بقوم ، أو يأمر الإمام بالجهاد ، فيلزم عند ذلك .
وقد ظهر من عدول nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر عن جواب الذي قال له : ألا تغزو ؟ إلى جوابه بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : بني الإسلام على خمس ، أنه كان لا يرى فرضية الجهاد في ذلك الوقت خاصة ، أو على أنه يرى سقوطه مطلقا ; كما نقل عنه .
وحديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر هذا قد روي من طرق : ففي بعضها : شهادة أن لا إله إلا الله ، وفي بعضها : على أن تعبد الله ، وتكفر بما دونه ، فالأولى نقل للفظ ، والأخرى نقل بالمعنى ، والأصل نقل اللفظ ، وهو المتفق عليه .
ويحتمل أن [ ص: 170 ] يكون محافظة النبي - صلى الله عليه وسلم - على ترتيب هذه القواعد ; لأنها نزلت كذلك : الصلاة أولا ، ثم الزكاة ، ثم الصوم ، ثم الحج .
ويحتمل ذلك أن يكون لإفادة الأوكد فالأوكد ; فقد يستنبط الناظر في ذلك الترتيب تقديم الأوكد على ما هو دونه إذا تعذر الجمع بينهما ; كمن ضاق عليه وقت الصلاة ، وتعين عليه في ذلك الوقت أداء الزكاة لضرورة المستحق ; فيبدأ بالصلاة ، أو كما إذا ضاق وقت الصلاة على الحاج ، فيتذكر العشاء الآخرة ، وقد بقي عليه من وقت صلاة العشاء الآخرة ما لو فعله فاته الوقوف بعرفة ، فقد قال بعض العلماء : إنه يبدأ بالصلاة وإن فاته الوقوف ; نظرا إلى ما ذكرناه ، وقيل : يبدأ بالوقوف ; للمشقة في استئناف الحج .