رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد (2 \ 327) nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم (1715) (10 و 11).
(3) ومن باب الاعتصام بحبل الله
(قوله: إن الله يرضى لكم ثلاثا ) أي: شرع هذه الثلاثة، وأمر بها، وجعلها سببا لكل ما عنده من الكرامة في الدنيا والآخرة.
و(قوله: ويكره لكم ثلاثا ) وفي الرواية الأخرى: ( سخط ) أي: نهى عنها وحرمها، وجعلها سبب إهانته، وعقوبته في الدنيا والآخرة، وهذا كما قاله تعالى: ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم [الزمر: 7] هذا أولى ما قيل فيه. وقد تقدم القول على الرضا والسخط، وعلى العبادة والشرك في الإيمان.
[ ص: 163 ] و(قوله: وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ) الاعتصام بالشيء: التمسك به، والتحرز بسببه من الآفات. وأصل العصمة: المنع. تقول العرب: عصم فلانا الطعام; أي: منعه من الجوع، وكنوا السويق بأبي عاصم لذلك، فالمعتصم بالشيء يمتنع به من أسباب الهلاك والشدائد.
و( حبل الله ) هنا: شرعه الذي شرعه، ودينه الذي ارتضاه. قال nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : هو القرآن، وهو بمعنى القول الأول، والحبل ينصرف على وجوه:
منها: العهد والوصل، وما ينجى به من المخاوف. ومنها: الأمان. وكلها متقاربة المعنى; لأن الحبل في الأصل: واحد الحبال التي تربط بها الآلات، وتجمع بها المتفرقات، ثم استعير لكل ما يعول عليه، ويتمسك به، ثم كثر استعماله في العهد ونحوه. ومعنى هذا أن الله تعالى أوجب علينا التمسك بكتابه، وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - والرجوع إليهما عند الاختلاف.
و(قوله: ولا تفرقوا ) أي: اجتمعوا على الاعتصام بالكتاب والسنة اعتقادا وعملا، فتتفق كلمتكم، وينتظم شتاتكم، فتتم لكم مصالح الدنيا والدين، وتسلموا من الاختلاف والافتراق الذي حصل لأهل الكتابين.
وفيه دليل على صحة الإجماع كما بيناه في أصول الفقه.
وثالثها: أن يكثر من السؤال عما لا يعنيه من أحوال الناس، بحيث يؤدي ذلك إلى كشف عوراتهم، والاطلاع على مساوئهم.
قلت: والوجه: حمل الحديث على عمومه، فيتناول جميع تلك الوجوه كلها.
( وإضاعة المال ): إتلافه وإهلاكه، كما قد حكي عن بعض جهال المتزهدة: [ ص: 165 ] أنه رمى مالا كان عنده، وحرق آخر منهم كتب علم الحديث كانت عنده، وربما أمر بهذا بعض الشيوخ الجهال، وهذا محرم بإجماع الفقهاء. ويلحق بإتلاف عينه منع صرفه في وجوهه من مصالح دنياه ودينه، كما يفعله أهل البخل ودناءة الهمم; يدخرون المال، ويكثرونه، ولا ينفعون نفوسهم بإنفاق شيء منه، ولا يصونون به وجوههم ولا أديانهم، فهذا الصنف هو المحروم الخاسر; الذي قال فيه الشاعر:
رزقت مالا ولم ترزق منافعه إن الشقي هو المحروم ما رزقا
وأشد من هذا كله قبحا وإثما من يتلف ماله في معاصي الله تعالى، فيستعين بمال الله على معاصيه، ويخرجه في شهواته المحرمة، ولا يباليه.
ويدخل في عموم النهي عن إضاعة المال القليل منه والكثير؛ لأن المال هنا هو كل ما يتمول; أي: يتملك; حتى لو رمى بثمن درهم في البحر مثلا لكان ذلك محرما. وكذلك لو منعه من صرفه في وجهه الواجب، وكذلك لو أنفقه في معصية الله. ولا خلاف في هذا إن شاء الله.