(قوله: نادى فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: أمر من ينادي فنادى، فنسب النداء إليه; لأنه أمر به.
و(قوله: ألا لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة ) كان هذا من النبي - صلى الله عليه وسلم - لما هزم الله تعالى الأحزاب، ورجع هو وأصحابه إلى المدينة ، فألقوا السلاح، فجاءه جبريل - عليه السلام - فقال له: ألقيت السلاح؟ ولا والله ما ألقت الملائكة السلاح، فاخرج إلى بني قريظة فإني منطلق إليهم، ومزلزل بهم حصونهم، فحينئذ نادى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك النداء، فأخذ قوم من أصحابه بظاهر الأمر، وقالوا: لا نصلي إلا حيث أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإن فاتنا الوقت، ونظر آخرون إلى المعنى، فقالوا: إن المقصود من ذلك الأمر الاستعجال، فصلوا قبل أن [ ص: 175 ] يصلوا إلى بني قريظة وعجلوا السير، فجمعوا بين المقصودين، فأقر النبي - صلى الله عليه وسلم - كلا منهم على ما ظهر له من اجتهاده، فكان فيه حجة لمن يقول: إن كل مجتهد مصيب; إذ لو كان أحد الفريقين مخطئا لعينه النبي - صلى الله عليه وسلم - ويمكن أن يقال: إنه إنما سكت عن تعيين المخطئ; لأنه غير آثم، بل مأجور، فاستغنى عن تعيينه، والله أعلم.