(قوله في هذه الرواية: أقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مكة إلى المدينة ) هذا كان في وقت هجرته، كما جاء في الرواية الأخرى: (قال nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر : لما هاجرنا من مكة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) وذكر نحو ما تقدم.
وقد وقع في هذا الحديث في كتاب nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم زيادة فيها وهم، وذلك أن nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر سأل الراعي: لمن الغنم؟ فقال الراعي: إنها لرجل من أهل المدينة . والصواب: من أهل مكة . ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من رواية nindex.php?page=showalam&ids=12424إسرائيل : إبل لرجل من قريش . وفي رواية أخرى: من أهل مكة أو المدينة - على الشك -.
قلت: وقيل: إنه ليس بوهم; لأنه أطلق على مكة مدينة، وهي كذلك، فإن كل بلدة يصح أن يقال عليها: مدينة، كما قال الله تعالى: وكان في المدينة تسعة رهط [النمل: 48] وهي مدينة ثمود ، وهي الحجر .
و(قوله: فشرب منها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى رضيت ) أي: حتى روي فرضيت [ ص: 278 ] ريه، وكأنه شق عليه ما كان فيه من الحاجة إلى اللبن، فلما شرب وزال عنه ذلك رضي به. وفي رواية أخرى: فأرضاني. والمعنى واحد.
وقد يقال: كيف أقدم nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر على حلب ما لم يؤذن له في حلبه ؟ وكيف شرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك اللبن ولم يكن مالكه حاضرا، ولا أذن في ذلك، مع نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن مثل هذا بقوله: nindex.php?page=hadith&LINKID=889344 (لا يحلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه).
قلت: وهذا ليس بشيء; لأن الحبة من مال الغير لا تحل إلا بطيب نفس منه، وتشبيهها باللقطة فاسد، فإن اللبن في الضرع محفوظ كالطعام في المشربة. ثم لم يكن على بعد من العمران بدليل إدراك سراقة لهم حين سمع أخبارهم من مكة ، وخرج من فوره، فأدركهم يومه ذلك، على ما تدل عليه قصته في كتب السير، والله أعلم.
وثانيها: إن عادة العرب جارية بذلك، فعملا على العادة، وذلك قبل ورود النهي المذكور عن ذلك.
وثالثها: إنه - صلى الله عليه وسلم - كان في حاجة وضرورة إلى ذلك، ولا خلاف في جواز مثل [ ص: 279 ] ذلك عند الضرورة إذا أمن على نفسه.
وهل يلزمه قيمة ذلك أو لا؟ قولان لأهل العلم.
ورابعها: إن ذلك كان مالا لكافر، والأصل في أموالهم الإباحة.
قلت: وقد يمنع هذا الأصل، لا سيما على مذهب من يقول: إن الكافر له شبهة ملك. وقد تقدم الخلاف في هذا في الجهاد.
وخامسها: إنهما علما لمن هي، فإما أن يكون قد أباح لهما ذلك، أو علما من حاله أنه يطيب قلبه بذلك. وهذا أشبهها وأبعدها عن الاعتراض إن شاء الله تعالى.