و(قوله: وهو صعيد أفيح ) أي: أرض مستوية متسعة، وذلك كناية عن [ ص: 495 ] خروجهن إلى الحدث; إذ لم يكن لهم كنف في البيوت; كانوا لا يتخذونها استقذارا، فكانت النساء يخرجن بالليل إلى خارج البيوت، ويبعدن عنها إلى هذا الموضع. وقد نصت على هذا nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها في حديث الإفك.
وقول nindex.php?page=showalam&ids=2عمر - رضي الله عنه - لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( احجب نساءك ) مصلحة ظهرت nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر فأشار بها، ولا يظن بالنبي - صلى الله عليه وسلم - أن تلك المصلحة خفيت عليه، لكنه كان ينتظر الوحي في ذلك، ولذلك لم يوافق nindex.php?page=showalam&ids=2عمر على ذلك حين أشار عليه به، لا سيما وقد كانت عادة نساء العرب ألا يحتجبن لكرم أخلاق رجالهم، وعفاف نسائهم غالبا، ولذلك قال عنترة:
وأغض طرفي ما بدت لي جارتي حتى يواري جارتي مأواها
فلما لم يكن هنالك ريبة تركهم، ولم ينههم؛ استصحابا للعادة، وكراهة لابتداء أمر أو نهي; فإنه كان يحب التخفيف عن أمته.
ففيه من الفقه: الإشارة على الإمام بالرأي، وإعادة ذلك إن احتاج إليها، وجواز إشارة المفضول على الفاضل، وجواز إعراض المشار عليه، وتأخير الجواب إلى أن يتبين له وجه يرتضيه.
وقول nindex.php?page=showalam&ids=2عمر - رضي الله عنه - في هذا الحديث: ( ألا قد عرفناك يا nindex.php?page=showalam&ids=93سودة ) يقتضي: أن ذلك كان من nindex.php?page=showalam&ids=2عمر - رضي الله عنه - قبل نزول الحجاب; لأن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها قالت فيه: حرصا على أن ينزل الحجاب، فأنزل الحجاب.
والرواية الأخرى تقتضي أن ذلك كان بعد نزول الحجاب، فالأولى أن يحمل ذلك على أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر تكرر منه هذا القول قبل نزول الحجاب وبعده، ولا بعد فيه.
ويحتمل [ ص: 496 ] أن يحمل ذلك على أن بعض الرواة ضم قصة إلى أخرى، والأول أولى; فإن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وقع في قلبه نفرة عظيمة، وأنفة شديدة من أن يطلع أحد على حرم النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى صرح له بقوله: nindex.php?page=hadith&LINKID=650387احجب نساءك; فإنهن يراهن البر والفاجر، ولم يزل ذلك عنده إلى أن نزل الحجاب وبعده، فإنه كان قصده: ألا يخرجن أصلا، فأفرط في ذلك فإنه مفض إلى الحرج والمشقة، والإضرار بهن، فإنهن محتاجات إلى الخروج؛ ولذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لما تأذت بذلك nindex.php?page=showalam&ids=93سودة : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=654421قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن ).
[ ص: 497 ] قلت: وهذا الحجاب الذي أمر به أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - وخصصن به هو في الوجه والكفين.
قال nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض : لا خلاف في فرضه عليهن في الوجه والكفين الذي اختلف في ندب غيرهن إلى ستره، قالوا: ولا يجوز لهن كشف ذلك لشهادة ولا غيرها، ولا ظهور أشخاصهن، وإن كن مستترات إلا ما دعت إليه الضرورة من الخروج إلى البراز، وقد كن إذا خرجن جلسن للناس من وراء حجاب، وإذا خرجن لحاجة حجبن وسترن.